“ليس من السهل أن تعيش في بلد تحس بأن حقك فيه مهدور، وأنك لا تزن فيه قدر برغوثة، وأن أهله يكنون لك الكره، وأن الحظ يناصبك فيه العداء، كل العداء! تماماً هذا ما كان يحتدم بداخل أعماقي من أفكار وهلاوس، وفكرت مع نفسي وقلت: إن كثيراً من هؤلاء المجانين الذين يرمونهم في مزابل المارستانات ومحجات الحمقى، قد يكونون من أنجب أبناء هذا الوطن، ومن أحسن خدامه. إلا أن هناك من لا يريد أن يخدم الوطن ويظل على حاله مثل دار لقمان، لذلك تكثر خلوات الصلحاء التي تحولت من أمكنة مقدسة للعبادة إلى أماكن لرمي القمامات البشرية، يحبس فيها من أزهقت عقولهم كرهاً وقسراً”
“لا أفهم ، كيف يمكن لوطن أن يغتال واحداً من أبنائه ، على هذا القدر من الشجاعة ؟ إن في الوطن عادة شيئاً من الأمومة التي تجعلها تخاصمك ، دون أن تعاديك ، إلا عندنا ، فبإمكان الوطن أن يغتالك دون أن يكون قد خاصمك ! حتى أصبحنا .... نمارس كل شيء في حياتنا اليومية ... و كأننا نمارسه للمرة الأخيرة . فلا أحد يدري متى و بأي تهمة سينزل عليه سخط الوطن .”
“إن هذه الوجوه الأفريقية أشبه بالليل، لا تستطيع أن ترى ما فيه من جمال إلا بعد أن تتعود عيناك على النظر فيه، وعندما تستطيع أن ترى في الليل .. تكتشف مافيه من جمال.”
“من الحقائق التي لا يحسن أن تغيب عنا ونحن نقدر الأبطال من ولاة العصور الغابرة أنهم أبناء عصورهم وليسوا أبناء عصورنا , وأننا مطالبون بأن نفهمهم في زمانهم وليسوا هم مطالبين بأن يشبهوننا في زماننا , وأن الرجل الذي يصنع في عصره خير ما يصنع فيه هو القدوة التي يقتدي بها أبناء كل جيل , ولا حاجة به إلى إقتداء بنا, ولا أن يشق حجاب الغيب لينظر إلينا ويعمل ما يوافقنا ويرضينا .”
“ليس من صالح المجتمع أن يذيب أفراده في داخله وأن يحولهم إلى أصفار وإلى تشكيلات من النمل .. وإنما عليه أن يختفظ لكل فرد نطاقاً من الحرية يتنفس فيه وبهذا يكتسب مرونة وقوةوقدرة على البقاء .. ويصبح كالخزف الثمين الذي لا يقبل الكسر”
“انا كلما رأيت بيتاً ينهار حسدت البيت المنهار، وكلما رأيت بيتاً يقام حسدت البيت الجديد ... إني لست حاسداً أحداً ولا حاقداً على أحد، ولكنني .... أريد أن ينتقل بعض هذا الطوفان إلى نفسي ... أريد أن ينتقل إلى قلبي إلى عقلي ... أريد أن ألقي بالبيوت القديمة إلى الماء، أريد أن أغرق الأوهام التي تعيش في نفسي والتي تعيش فيها نفسي ... أريد أن تذوب دموعي الجافة ، أريدها أن تذوب، ولكن فطوفان جديد ... أريد طوفاناً لا يترك في نفسي إلا القليل الذي أنجو به كمان نجا نوح عليه السلام، لتستمر حياتي من جديد .... أريد أن أنزل من بحر هائل، وأن يظل رأسي فوق الماء، كي أتمكن من السباحة ومن النجاة ... ومن معاودة الغرق من جديد”