“الله.. يارب المسافرين، كل بيت مهجور لم تتوقع مصيره أول لبنةٍ فيه، ولا توقعت قصصه الشقوق، ولا الزوايا. كان كل شيء ينمو فوق بعضه دون أي سؤال، دون أن تخمن الأبواب والشبابيك والممرات كل الأسرار والموتى، دون أن تحصي المارين الذين يتجاوزونها بلا أي اكتراث، هذه هي القصة الطويلة التي تذهب وترجع، هذه هي القصة المكرورة، التي تقول بصراحة كاملة بأن كل شيء على هذا الكوكب محكوم بالزمن!”
“كثيرون، يمرون بنا في هذه الحياة، يمكننا أن نتجاهلهم، ثم للحظة ما نتوقف عند البعض منهم، لأن قدراً ما ينتظرنا برفقتهم، وكثيرون يعيشون معنا سنين طويلة ولا نكترث لهم، ولا نشعر بأهميتهم، ثم يحدث أن نلتقي شخصاً ما، لخمس دقائق فقط في العمر كله، لكنه يكون أقرب إلينا من كل أولئك..”
“ويموت الشعراء! يذهبون واحدا واحدا دون أن يخبرونا ما هو الشعر، دون أن يخرجوا من صدورهم الورقة الأخيرة التي تركوا فيها السر، وكيف كانوا يقولون الكلام، وما هو ذاك الإشعاع الحار الذي يلون الكلمات ويضيئها كما تفعل الكهرباء!”
“الأخطاء مثل الإشارات في الطريق ... لا يمكن أن تصل إلى أي مكان من دون أن تنعطف أو تغير اتجاهد، المدن التي تخلو وتقل فيها هذه الإشارات تزدهر فيها الفوضى.”
“الشعر ورطة إيمانية , والشعراء ينصبون فخاخها , ثم يتقافزون إليها , لكنهم لا يعترفون بهذة اللعبة البلهاء , لا يعترفون أنه لن يصبح أحدٌ شاعراً حتى يصرّ على قول الأشياء التي لا يفهم عنها شيئاً , يصرُّ .. حتى يفهم عنها كل شيء !”
“اننا نعيش في عالم أصبحنا غرباء فيه، لم نعد نعرف كيف نتصرف لأننا نسينا كل شيء عن أنفسنا وعن ماضينا. نتذكر أننا كنا في وقت مضى قوة فاعلة فوق هذه الأرض وانتصرنا على غيرنا وحكمنا نصف المعمور حتى خاف منا الداني والقاصي.. ولكن لم نعد ندرك الأسباب الملموسة التي كانت وراء انتصارات خالد وقتيبة وعمرو وموسى وطارق، ولا حتى يوسف وصلاح الدين.. كل ذلك بهت واختلط فعاد لغزا من الألغاز، ذهب سره باختفاء أصحابه.”
“المكان ..أفكر : ترى لماذا يفكر كل الذين يكتبون شيئاً عن حياتهم أن يصفوا الأمكنة التي درجوا عليها , و جالوا في أزقتها , و اختلطت دمائهم بمائها و هوائها , و تداخلت طبيعتها معهم حتى تشكلت نفوسهم بشكلها ؟ إنهم يفعلون ذلك , تجاة أمكنتهم , لأن الإنسان انعكاسٌ لها , يحمل تفاصيلها , و يتشكل على طريقتها .”