“في النظام الرأسمالي الليبرالي - وفي ليبرالية السوق على نحوٍ أخص - لا تعترف الحرية لنفسها بحدود، مثلما أنها لا تريد أن يكون لأحد أبدا يد عليها. والدولة نفسها في الفلسفة الليبرالية السوقية، أي في ما قد يسمى بالليبرالية الجديدة، ترتد إلى أضيق الحدود ولا يُطلب منها أن تتدخل في شؤون الحرية والسوق إلا بصفتها ضامنا قانونيا لقانون السوق، أي لإرادة الشركات العملاقة والقوى الرأسمالية الضخمة التي سيّجت نفسها بقوى الإعلام المرعبة. ما الذي يتبقى للمجتمع والأفراد والدولة؟ وما هو مصير العدالة بوجه خاص في هذا النظام الذي لا يعرف قيما غير قيم اقتصاد السوق؟ إن التناقض بين الديمقراطية وبين العدالة يصبح في المنظومة الديمقراطية حساسا شائكا، وفي أحوال محددة من النماذج الديمقراطية تصبح العدالة كائنا غير مرغوب فيه على الإطلاق، مثلما أن تلك الديمقراطية تصبح وبالا على الحياة البشرية.”
“لذا سأقول إن الخيار الديمقراطي العربي في المستقبل ينبغي أن يتوجه إلى نموذج «الديمقراطية الجماعاتية»، لا إلى الديمقراطية المشتقة من «الليبرالية - الجديدة»، ليبرالية السوق الكونية التي تحتقّر العدالة وجملة القيم الإنسانية المؤسسة لكرامة الذات الإنسانية.”
“, الديمقراطية لا يمكن أن تعيش لمرة واحدة , الديمقراطية قائمة على التجربة , على إن تختار مرة تلو الاخرى , أن تجرب فلان لمرة فيفشل فتختار علان الذي ينجح لفترة ثم يفشل في الثانية فيتم الاستغناء عنه , الديمقراطية التي تمارس لمرة واحدة ما هي ألا ديكتاتورية مقنعة”
“في الدول الديمقراطية، تكون المعارك السياسية بين الحكومة والمعارضة، في الدول غير الديمقراطية أو تلك التي لم تنضج فيها الديمقراطية بعد، تجد أغلب المعارك بين المعارضة ومعارضة المعارضة”
“ليست الديمقراطية إذن في أساسها عملية تسليم سلطات تقع بين طرفين معينين ، بين ملكِ وشعب مثلاً ، بل هي تكوين شعور وانفعالات ، ومقاييس ذاتية واجتماعية تشكل مجموعها الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية في ضمير الشعب قبل أن ينص عليها أي دستور .”
“الجانب الوحيد الايجابي في طبيعة نظام ما بعد الشمولية وفي غياب سياسة طبيعية وضبابية تعمل على وجود فرصة في تغيير سياسي ناجز هو أنها تدفعنا إلى أن نتدبر أمورنا على خلفية ملابساتها العميقة, ونفكر في مستفبلنا في إطار رؤى طويلة المدى وشاملة للعالم الذي نحن جزء منه. إن ضرورة أن نتأكد على الدوام أن صراع الإنسان مع النظام يدور على مستوى أعمق من مستوى السياسة المباشرة, يحدد على ما يبدو وجهة هذا التفكير.”