“إنه لا مجال للشك في أن "كانط" اقام نظريته الأخلاقية العلمانية على قواعد دينية مع إدخال الصنعة عليها، حيث استبدل الإنسان مكان الإله مع قياس أحكامه على أحكامه؛ فإذن ليس لهذه النظرية من وصف العلمانية إلا الظاهر، بحيث تصير العلمانية هنا عبارة عن "ديانية" خفية مثلها مثل الديانية الجلية في الأخلاق المُنزلة، لا تفترق عنها إلا في كون المستحق للتعظيم فيها صار هو الإنسان العيني، وليس الإله الغيبي.”
“إن من يتعامل مع الأدب عليه أن يتعامل مع الظاهرة الإنسانية في كل تركيبيتها وعمقها، فيدرك أن الإنسان كائن قادر على تجاوز السطح المادي وقادر على التمرد على الظلم، فالإنسان القادر على تجاوز السطح المادي هو الإنسان الإنسان، شيء رائع فريد وخاص، وحينما يتحدث المرء عن الفريد والخاص فهو في واقع الأمر لا يتحدث عن التطور وإنما عن الخلق”
“كما أن القومية العلمانية رأت في الدين تعبيرًا عن روحها، فإن الصهيونيين الدينيين رأوا في الصهيونية العلمانية تعبيرًا عن اليهودية التقليدية.”
“وأعتقد أن النموذج الأكبر (نموذج النماذج إن صح التعبير) هو المفهوم الإسلامي لله وعلاقة الإنسان به، فالله ليس كمثله شيء ولكنه قريب يجيب دعوة الداعي (دون أن يحل فيه)، وهو مفارق تماما للكون (للطبيعة والتاريخ) متسامٍ عليهما، ولكنه لا يتركهما دون عدل أو رحمة، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد (دون أن يجري في عروقنا). فثمة مسافة تفصل بين الإله والإنسان والطبيعة، تماماً مثل تلك التي تفصل بين الإنسان والطبيعة. وهذه المسافة حيز إنساني يتحرك الإنسان فيه بقدر كبير من الحرية والإرادة، فهي ضمان استقلال الإنسان عن الإرادة الإلهية بحيث يصبح الإنسان حراً ومسؤولاً من الناحية الأخلاقية، ويصبح له من ثمّ هوية مركبة محددة، ويصبح التاريخ الإنساني مجال حريته واختباره. (من هنا مركزية مفهوم "خاتم المرسلين" باعتباره وعداً من الله عز وجل بأن التاريخ، بعد اكتمال الوحي، هو رقعة الحرية). ولكن المسافة ليست هوّة تعني أن الإله قد هجر الإنسان وتركه في عالم الفوضى والمصادفة، فالله قد أرسل له وحياً في نص مقدس مكتوب، وهو قد كرم الإنسان واستخلفه، ولذا فإن الإنسان يحمل رسالة الإله في الأرض ويحمل الشرارة الإلهية داخله”
“العلمانية هي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق”
“إن من الأهداف الكبرى للتقدم التقني جعل الإنسان يتكيف مع البيئة بتغييرها وليس بتغيير الإنسان ، فأنت تلاحظ أن الإنسان استعان على قطع المسافات البعيدة بصنع السفينة والسيارة والطائرة ... وليس بتدريب جسمه على تحمل الجري لساعات طوال ، كما أنه صنع المجمدات لأهداف عدة ، منها أن يتمكن من أكل ثمار وفواكه الصيف في الشتاء وخضار وفواكه الشتاء في الصيف عوضا عن أن يصبر نفسه عنها ، ويتكيف مع الحرمان منها . وإذا قارنت بين حياة الشخص ثري في سويسرا وحياة فقير معدوم في أوغندا لا حظت كيف أن الأول يكيف ما حوله على حين أن الثاني يتكيف مع ما حوله”