“يمكن -أحيانا على الأقل- أن يكون الممات ليس قاتما كما نتصور،يمكن لنا أن نجعله حصادا لموسم واستعدادا لموسم آخر لن نحضره”
“بشئ من التضحية وشئ من التخلي عن حظوظ النفس يمكن للمرء أن يكون سندا لشخص واحد على الأقل.”
“إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي} [الأنعام: 6/162]..أربعة أشياء، يحددها النص الإلهي، الذي اختاره عليه أفضل الصلاة والسلام، ليكون جزءاً يفتتح به الصلاة..الصلاة، النسك، المحيا والممات..فلنلاحظ هنا أن الصلاة هي قبل كل شيء، هي العنصر الأول الذي اختير قبل كل العناصر الأخرى – المدخل لكل ما سيلي، على أهميته، يعزز ذلك نظرتنا من الصلاة هي بمثابة دورة تدريبية لكل ما يجب ان يفعل في الحياة..بعد الصلاة، تأتي النسك، وسيقزم من معناها لو فهمنا أنها “الذبيحة” – هي الذبيحة طبعاً، لكن ذلك جزءٌ منها، فالذبيحة هي الأضحية، هي ما تضحي به، وأنت لا تضحي فقط بكبش، بل تضحي بأشياء أخرى كثيرة، بل إن الذبيح الأول الذي كاد أن يكون ذبيحاً – لم يكن كبشاً أو بقرة – بل كان ابن إبراهيم نفسه، إلى أن فدي بذبح عظيم..النسك هو كل ما تضحي به، أحياناً يكون دمك تهرقه (أو تحرقه)، وأحياناً يكون أعصابك، وأحياناً يكون كل رصيدك: عمرك كله..وأحياناً يكون جهدك كله: فكرك كله، كل ما تملك، ليس بالمعنى المادي – بل بمعنى أعمق – كل ما تملكه حقاً حتى أعضاءك، حتى كريات دمك الحمراء والبيضاء – تضحي بها: ليس بمعنى “الذبيح” والإهراق بالضرورة – ولكن بمعنى أن تكون كلها مجندة لقضية واحدة.. لله ربّ العالمين..دمي، ودموعي، حتى ابتسامتي، ممكن أن تكون “أضحية” – عندما تصير جزءاً من هذا الدرب – عندما تصير وسيلة لتعبيد الدرب نحو الهدف..كل ما أضحي به، في سبيل ذلك، هو “أضحية” – وهو نسك.. وهو نسكي..* * *و “محياي” أيضاً..إنها حياتي كلها. لا. الأمر أعمق من حياتي كلها.. ليس الحديث هنا عن الحياة، بل عن المحيا.. عن ما أحيا به، عما أحيا من أجله.. الأمر ليس عن محض حياة بيولوجية – بل عما هو وراء ذلك، عن الهدف من حياتي، الهدف الذي يجعلني أستيقظ صباحاً وأنهض من فراشي، الهدف الذي يجعل قلبي يدق، ولا ينبض فقط، الهدف الذي يجعل الدم يغلي في عروقي، ويروي في عروقي، ولا يجري فحسب، الهدف الذي يجعلني أود أن أعيش فعلاً – لا أن أعيش لأني وجدت نفسي “عائشاً” وانتهى..محياي، ما أحيا من أجله.. ما يجعلني أستمر، رغم كل شيء.. أن يكون لله..* * *ولا ينتهي الأمر عند “محياي”..بل هو هناك أيضاً عند النهاية.. عند إسدال الستارة على الفصل النهائي من حياتنا.. عند “مماتي”..أستطيع أن أجعل من الموت ليس مجرد “نهاية” – أستطيع أن أجعله أكثر من مجرد حتمية لا بد أن نمر بها، أستطيع بمحياي – عبر أن يكون لحياتي معنى، أن يكون موتي توقفاً عن التنفس – ولكن ليس عن العطاء.. أن يستمر عملي وعطائي وأثري حتى بعد أن أذهب.. بطريقة ما، أن يستمر عملي، ربما عبر عمل الآخرين، ربما عبر تفاعله مع أعمالهم، ربما بأن يكون بذرة يرعونها هم.. المهم، يمكن – أحياناً على الأقل – أن يكون “الممات” ليس قاتماً كما نتصور، يمكن لنا أن نجعله حصاد لموسم، واستعداد لموسم آخر، لن نحضره، لكن بذورنا ستنوب عنا، وستكبر، تنضج، ربما لتصير ثماراً، أو حتى سماداً، لموسم لاحق.. إنه أن نكون قد أحدثنا خرقاً عبر “محيانا”، أن نكون قد جعلنا من زيارتنا لهذا الكوكب “مجدية” – زيارة أحدثت خرقاً، زيارة جعلته مكاناً أفضل مقارنة به، قبل أن نأتي إليه..أن يكون هناك فرق، لا أن يكون وجودنا، وعدمه سواء.. لا أن تكون حياتنا وموتنا سواء..{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 45/21]..”
“إن عبادة الأوثان لا تقتصر على الصلاة لها أو السجود لها, بل تكون أحياناً بشكل آخر من أشكال التعلق.. ليس بالضرورة أن تسجد لها حرفياً, أحياناً يمكن أن يكون كل قلبك مشدوداً لها لكنك تسجد لوثن آخر”
“الحمار لا يمكن بحال أن يكون غبيا، هو صبور بطبعه. وقد يبدو الصبر غباء أحيانا، وجبنا أحيانا أخرى.”
“الفشل لا يمكن أبدا أن يكون نهاية المطاف ومنتهى الأحلام، إلا إذا أردنا نحن أن نجعله كذلك، الفاشل ليس ذاك الذى يسقط فينهض من جديد، مستفيدا من أخطاء المرحلة السابقة، الفاشل هو الذى يستسلم، ويترك الباب مفتوحا أمام اليأس ليدخل ويسيطر على حياته..”