“أما مرحلة كُره كل ماهو سعيد أو يدعو إلى البهجة ستأتي سريعاً، و تعيش في اليوم الواحد مجموعة متناقضة من المشاعر تكفي مائة شخص. قد تبدأ يومك باليأس التام، ثم دون أي سبب مقنع تشعر بالتفاؤل، و لكن هذا الإحساس سيأخذك إلى الاحتياج، فاليأس مهما كان سيئاً فهو على الأقل يرحمك من حِمل الأمل و عبء الصبر للوصول إليه، ثم إن إحساسك بالاحتياج سيشعرك بالضعف لتبدأ مأساة "أنا صعبان عليَّ نفسي أوي" و تلك هي أصعب المراحل لأنك ستجد ردود أفعال في مؤخرة رأسك من نوعية "مايصعبش عليك غالي" و هنا تبدأ مرحلة الغضب و السخط على كل شيء و كل شخص، و تلك المرحلة التي في نهايتها تعود - بالسلامة - إلى مرحلة اليأس.و بعد اللّف كثيراً تستقر تماماً في تلك المرحلة، اليأس التام، مرحلة استشعار أن الوحدة ليست بهذا السوء الذي كنت أظنه و لكن هذا أبداً لا يمنع الوجع.”
“إذا نظرت إلى أي عمل على أنه تجربة غنيةو خصصت له كل ما تملك من طاقاتفـسوف أن تجد أن هذا العمل يحقق لك كثيراً من الرضا النفسي و السعادةو إذا نظرت إلى أي عمل مهما كان العمل على أنه روتينو أنه مفروض عليك و عذاب لا بد من قضائهفـسوف يصبح هذا العمل مملاً كائناً ما كان و أنا اعتقد أن هذا القانون يسري على كل شيء في الحياةالأعمال لا تختلف ، و لكن البشر يختلفونتجد العمل نفسه يؤديه انسان بنفس سمحة و بـوجه طلقو بأسارير متهللة ، و يحصل من هذا العمل على كثير من الرضابينما غيره لا يحصل على شيء لأنه يأتيه بعقلية مختلفةيأتيه بعقلية الأخذ !”
“إنه من السهل على صاحب الدعوة أن يغضب لأن الناس لا يستجيبون لدعوته، فيهجر الناس.. إنه عمل مريح، قد يفثأ الغضب، و يهدئ الأعصاب.. و لكن أين هي الدعوة؟ و ما الذي عاد عليها من هجران المكذبين المعارضين؟!إن الدعوة هي الأصل لا شخص الداعية! فليضق صدره. و لكن ليكظم و يمض. و خير له أن يصبر فلا يضيق صدره بما يقولون!إن الداعية أداة في يد القدرة. و الله أرعى لدعوته و أحفظ. فليؤد هو واجبه في كل ظرف، و في كل جو، و البقية على الله. و الهدى هدى الله.”
“رابعة تلك الملاحظات أن الإيرانيين لم يكونوا على استيعاب كاف لتطورات الوضع العربي ، التي هي في مجملها أقرب إلى السلب منه إلى الإيجاب ، ذلك أنه حتى قرب نهاية الستينات كانت للجماهير العربية قيادة متمثلة في جمال عبد الناصر . و كانت قيم النضال ضد الاستعمار و الثورة لاستخلاص الحقوق مما تبناه الشارع العربي و وقف وراءه . كان للجماهير العربية حضور ، فضلا عن أنه كانت ثمة قيادة تعبر عن ضمير تلك الجماهير و طموحتها . ابتداء من السبعينات تغيرت تلك الصورة ، غاب الرمز و غاب دور الشارع . و ظهرت خريطة من القيم السلبية الجديدة في الواقع العربي ، تتبنى الإنحياز إلى المعسكر الغبي من ناحية ، و ترفع شعارات الإقليمية و التجزئة من ناحية أخرى . و بدأت في العالم العربي مرحلة "الأنظمة" التي تعاظم دورها على حساب دور الشارع و الجماهير . هذه الظروف في مجموعها كان لها تأثيرها الضروري على القيادة الفلسطنينة . كان لابد لتلك القيادة أن تتعامل مع الواقع العربي بمتغيراته السلبية ، إذ لم تكن في موقف يسمح لها لا بتحدي هذا الواقع و لا بتغييره . و هذا ما لم تدركه القيادة الإيرانية ، و حاسبت الفلسطينيين من منطلق خاطيء تماما ، منفصل عن تلك المتغيرات في الواقع العربي .”
“لقد ارتسمت حقائق الأشياء أمام أفلاطون صوراً سماوية لا تتبدل ولا تتغير , و على الأشياء و فى دنيا الطبيعة و الواقع أن تقترب من تلك النماذج ما استطاعت . كذلك ارتسمت حقائق الأشياء أمام أرسطو أجناساً و انواعاً , لكل منها تعريف ثابت ساكن أزلى أبدى , يضعه حيث هو من بقية الأشياء . لكن حقائق الأشياء لا تثبت هكذا و لا تستقر إلا حين تجمد أوضاع الحياة على حالة هادئة ساكنة يرضى عنها الإنسان . أما حين يزول عن الإنسان هذا الرضا , و يهمّ بالانتقال إلى حالة أخرى , فعنئذ تكون حقيقة الكائنات أنها تتغير , و بخاصة الإنسان . و لا يعيب الإنسان إذ هو فى مرحلة التغير , مرحلة التحول , مرحلة السفر , أن تهتز القيم و ترتجَّ المعايير , بل العيب هو ألا ترتجَّ هذه و ألا تهتز تلك .. فلا ينبغى أن تكون لشىء أو لفكرة , أو لوضع , أو لنظام , حصانة تصونه من النقد و التجريح . إن كل الأشياء و الأفكار و الأضاع و النظم تريد أن تتغير , و تتجدد , فكيف يتم لها ما تريده إذا لم تقع على أوجه النقص فيما ننقده , و نجرّحه , لكى تتكشف حقيقته و تتعرى ؟”
“ربّ اجذبني إليك بحبلك الممدود لأخرج من ظلمتي إلى نورك و من عدميتي إلى وجودك و من هواني إلى عزتك .. فأنت العزيز حقاً الذي لن تضرك ذنوبي و لن تنفعك حسناتي .إن كل ذنوبنا يارب لن تنقص من ملكك .و كل حسناتنا لن تزيد من سلطانك .فأنت أنت المتعال على كل ما خلقت المستغني عن كل ما صنعت .و أنت القائل :هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي .و أنت القائل على لسان نبيك :( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم )فها أنا أدعوك فلا أكف عن الدعاء .. فأنا المحتاج.. أنا المشكلة .. و أنا المسألة .أنا العدم و أنت الوجود فلا تضيعني .عاوني يارب على أن اتخطى نفسي إلى نفسي .. أتخطى نفسي الأمارة الطامعة في حيازة الدنيا إلى نفسي الطامعة فيك في جوارك و رحمتك و نورك و وجهك .”