“إن فى الإنسان منطقة عجيبة سحيقة لا تصل إليها الفضيلة و لا الرذيلة، و لا تشع فيها شمس العقل و الإرادة، و لا ينطق لسان المنطق، و لا تطاع القوانين و الأوضاع، و لا تتداول فيها لغة أو تستخدم كلمة .. إنما هى مملكة نائية من عالم الألفاظ و المعانى .. كل ما فيها شفاف هفاف يأتى بالأعاجيب فى طرفة عين .. يكفي أن ترن فى أرجائها نبرة، أو تبرق لمحة، أو ينشر شذا عطر، حتى يتصاعد من أعماقها فى لحظة من الإحساسات و الصور و الذكريات، ما يهز كياننا و يفتح نفوسنا على أشياء لا قبل لنا بوصفها، و لا بتجسيدها، و لو لجأنا إلى أدق العبارات و أبرع اللغات ،،،”
“ما الذى روّعه ؟ أهو منظر العظام قى ذاتها، أم فكرة الموت الممثلة فيها، أم المصير الآدمى و قد رآه أمامه رأى العين ؟و لماذا لم يعد منظر الجثث و العظام يؤثر فى مثلى و فى مثل الطبيب ، و حتى فى مثل اللحاد أو الحراس هذا التأثير ؟ يخيل إلىَّ أن الجثث و العظام قد فقدت لدينا ما فيها من رموز. فهى لا تعدو فى نظرنا قطع من الأخشاب و عيدان الحطب و قوالب الطين و الآجر. إنها أشياء تتداولها أيدينا فى عملنا اليومى. لقد انفصل عنها ذلك الرمز الذى هو كل قوتها؟..ما مصير البشرية و ما قيمتها لو ذهب عنها الرمز ... "الرمز" هو فى ذاته كائن لا وجود له. هو لا شئ و هو مع ذلك كل شئ فى حياتنا الآدمية. هذا اللا شئ الذى نشيد عليه حياتنا هو كل ما نملك من سمو نختال به و نمتاز على غيرنا من المخلوقات.”
“لا تكن أسهل ما فى الحياة و لا أصعب ما فيها و لكن كن أنت الحياة فى أسمى معانيها”
“صراع البقاء لا يحابى و لا يجامل، فالتاريخ المحايد فى جريانه وفق قوانينه الموضوعية لا يصانع أمة و لا جنساً، و لا يقيم وزناً لماضٍ مجيد فى قراره، أى الأمم أصلح للبقاء فى الظروف الجديدة .. و إنما ينظر إلى حاضرها و ما هى عليه ،،،”
“و نعطي مثلا لهذا التفاوت فى الرتب فيما يشعر به كل منا في حياته الخاصة .. من تفاوت المستويات التى يمكن أن يعيش فيها .. لانقصد مستويات الدخل .. و إنما نقصد شيئاً أعمق .. نقصد المستويات الوجودية ذاتها.فالواحد منا يمكن أن يعيش على مستوى متطلبات جسده ، كل همه أن يأكل و يشرب و يضاجع كالبهيمة.و يمكن أن يسكت ذلك السعار الجسدى ليستسلم لسعار آخر هو سعار النفس بين غيرة و حسد و غضب و شماتة و رغبة فى السيطرة و جوع للظهور و تعطش للشهرة و استئثار لأسباب القوة بتكديس الأموال و الممتلكات و تربص لاصطياد المناصب.و أكثر الناس لا يرتفعون عن هذه الدرجة و بموتون عليها و لا يكون العقل عندهم إلا وسيلة احتيال لبلوع هده الأسباب.و الحياة بالنسبة لهذه الكثرة غابة و الشعور الطبيعي هو العدوان و تنازع البقاء و الصراع .. و الهدف هو التهام كل ما يمكن التهامه و انتهاز ما يمكن انتهازه .. و الواحد منهم تجده يتأرجح كالبندول من لهيب رغبة إلى لهيب رغبة أخرى .. يسلمه مطمع إلى مطمع و هو فى ضرام من هذه الرغبات لا ينتهي.و هناك قلة تكتشف زيف هذه الحياة و تصحو على إدراك واضح بأن هذا اللون من الحياة عبودية لا حرية. و أنها كانت حياة أشبه بالسخرة و الأشغال الشاقة خضوعا لغرائز همجية لا تشبع و أطماع لا مضمون لها و لا معنى و لا قيمة .. كلها إلى زوال.فتبدأ هذه القلة القليلة فى إسكات هذا الصوت و فى تكبيل هذه النفس الهائجة ، و قد اكتشف أنها حجاب على الرؤية و تشويش على الفهم.و هكذا ترتفع هذه القلة القليلة فى الرتبة لتعيش بمنطق آخر .. هو أن تعطي لا أن تأخذ .. و تحب لا أن تكره .. و تصبح هموم هذه القلة هى إدراك الحقيقة.و على هذه القلة تنزل سكينة القلب فيتذكر الواحد منهم ماضيه حينما كان عبداً لسعار نفسه و كأنه خارج من جحيم !و مثل هؤلاء يموتون و قد انعتقوا من وهم النفس و الجسد و بلغوا خلاصهم الروحي و أيقنوا حقيقة ذواتهم كأرواح كانت تبتلى فى تجربة.و ما أشبه الجسد - فى الرتبة - بالتراب. و النفس بالنار و الروح بالنور. و هى مجرد ألفاظ للتقريب. و لكنها تكشف لنا أن حكاية الرتب هى حكاية حقيقية .. و أن كل من يموت على رتبة يبعث عليها و أن هذا هو عين العدل و ليس تجبرا .. و قد يكون العذاب فوق الوصف إذا تجردت النفوس من أجسادها الترابية و ل يبق منها إلا سعار خالص و جوع بحت و اضطرام مطلق برغبات لا ترتوي ثم عدوان بين نفوس شرسة لا هدنة بينها و لا سلام و لا مصالحة إلى الأبد .. على عكس أرواح تتعايش فى محبة و تتأمل الحق فى عالم ملكوتي.أكاد أجزم بأن ألفاظ القرآن بما فيها من جلجلة و صلصلة حينما تصف الجحيم إنما هى نذير حقيقى بعذاب فوق التصور سوف نعذبه لأنفسنا بأنفسنا عدلاً و صدقاً على رتبة استحقها كل منا بعمله .. و أكاد أضع يدي على الحقيقة .. لا ريب فيها”
“اذا كان من حقى أن أعبر عن رأى بكل حرية و فى الملأ.يصبح لزاماً على أن أحترم كل الأراء الأخرى حتى و إن كانت ممن هم أدنى فى الثقافة أو المنطق أو إختلاف التوجهات و الرؤى.فالحرية لا تعنى الهجوم على المختلفين مع أو إهانتهم أو التسفيه من رأيهم ، و ذلك يجعل رأيى أقوى و أهم.”