“الدولة مهما كان شكلها ونوعية الشرعية التي تتأسس عليها لايمكن ائتمانها على الدين وادعاء تمثيله أو النطق باسمه، لأن الدولة بطبيعتها تميل إلى الاستيلاء على أسس الشرعية الرمزية والمعنوية بقدر حرصها على الاستحواذ على الثروات المادية”
“إن الدين الحقيقي لايستطيع أن يماشي الدولة طويلاً، فطبيعته المثالية الصاعدة تحفزه على الإفتراق عن الدولة عاجلاً أم آجلاً، ومعنى هذا أن القرآن والسيف متناقضان. فإن اتحدا وبقيا على اتحادهما كان ذلك دليلاً على وجود عيب في أحدهما. فلابد للسيف أن يتنازل عن قسوته أو يتنازل القرآن عن ثورته. وإذا خرج أحدهما عن طبيعته انقلب إلى شيء آخر”
“في مقابل كل إنجاز قدمه عبد الناصر لمصر، كان على مصر أن تنحدر خطوة اخرى في انصياعها لإرادة الدولة، في مقابل استقلال القرار والتصدي للإملاءات الخارجية، فرضت الدولة على المصريين حكم الأجهزة الأمنية. في مقابل مجانية التعليم، سيطرت الدولة على كل الحقل التعليمي، في مقابل النهوض الصناعي وتوفير العمل للجميع، تحكمت الدولة في الاقتصاد كله، وفي مقابل تطوير الأزهر وتنميته، كان على الأزهر أن يصبح أداة في يد الدولة.”
“الدولة الصهيونية تطرح نفسها على مستوى من المستويات على أنها الآلة الغربية التي تعمل دون تاريخ ودون أعباء أخلاقية ، هي المستقبل لمن يود أن يطرح عن كاهله تراثه أو قوميته”
“وبناءً على هذا الاختزال في مفهوم الشريعة؛ فإن الدولة التي تطبق الحدود، أو على الأقل تعلن ذلك من دون النظر إلى حقيقة واقعها، وتلزم المرأة ببعض الأحكام التي ربما قد تكون في غالبها فتاوى اجتهادية، ومحل اختلاف وتنوع بين المذاهب الفقهية؛ تصبح حينئذ الدولة - وفق هذه الرؤية القاصرة - مطبقة للشريعة.. حتى لو كانت مستبدة وظالمة وفاسدة، ولا تقيم العدالة الاجتماعية، ولا تكفل الحريات العامة، وتمارس الدكتاتورية وقمع الناس، وتعتدي على حقوق الأفراد، وتنتهك خصوصياتهم وحرياتهم، وتعتقل من يعارضها ويخالفها، وربما تستبيح القانون فتقتل وتسفك الدماء، وتسرق المال العام، وتمارس الفشل السياسي والفساد الإداري والمالي في تدبير الدولة، وتمارس التخلف و(الجهل المؤسس) في التعليم والاقتصاد والخدمات، وتعيق فريضة العمران في الأرض: (النهضة والتنمية والرفاه)... إلى آخر الانتهاكات وذلك التعطيل للمطالب والمقاصد الشرعية الكبرى في الإسلام، وتبقى تلك الدولة - وفق هذه الرؤية - مطبقةً للشريعة الإسلامية على أساس أنها تنفذ الحدود وتفرض الحجاب! وأما ذلك التعطيل وتلك الانتهاكات الشنيعة حول تلك المطالب العليا والمقاصد الشرعية الكبرى (كالعدالة والأمانة وحفظ الحقوق والحريات والإحسان في تدبير السياسة والحكم)، التي هي بمثابة الرأس والقلب والروح في جسد الشريعة، لا تعدو أن تكون مجرد تقصير في تطبيق الشريعة! فتحتاج فقط إلى المناصحة السرية وممارسة (وعظ السلاطين)، والصبر والاحتساب على ظلمهم وجورهم، و(كما تكونوا يولى عليكم).”
“المواطن فى دولة أصحاب الحاجز : إنه إنسان يشعر أن الدولة دولته , وهو بالتأكيد على علاقة شخصية بها . وهي لا تفعل ما فيه الكفاية من أجله . ولا يوجد مجتمع معاصر يشعر ما يشعر به شخصياً وما يكنه تجاه الدولة , إنه مشغول بالدولة وبما يفعله السياسيون لها من أذى , إنه حريص عليها . كما يستخدم تعبير الدولة بكثافة قل مثيلها في المجتمعات المتحضرة التي يجب أن ينتمي إليها .أكبر صحيفة تسمي نفسها فى الدعاية لذاتها تسمية غريبة فى عرف المجتمعات المتحضرة : (( صحيفة الدولة )) . وأفضل كوميدى يسمى (( مهرج الدولة )) وأفضل استعراض فني يمنح لقب (( استعراض الدولة )) فى عامية تلك البلاد الدارجة , وقلما تستخدم مصطلحات مثل الوطن أو البلد . وبالطبع هنالك في أكبر المدن ساحة فخمة تسمى (( ميدان الدولة )) , وغالباً ما يؤكد المحتج على غبن أو ظلم مطالبته بقرض سكني , أو بفرصة عمل أو من أجل حقوقه كمعاق , أو ضد إغلاق مصنع نسيج , على مساهمته في بناء الدولة , أو مساهمة أبنائه فى الدفاع عن الدولة .”