“و تلقي القرآن بمعنى استقبال القلب للوحي، على سبيل الذكْر، إنما يكون بحيث يتعامل معه العبد بصورة شهودية، أى كأنما يشهد تنزله الآن غضاً طرياً ! فيتدبره آيةً، آيةً، بإعتبار أنها تنزلت عليه لتخاطبه هو فى نفسه و وجدانه، فتبعث قلبه حياً فى عصره و زمانه، و من هنا وصف الله تعالى العبد الذي "يتلقى القرآن" بهذا المعنى: بأنه يُلْقي له السمع بشهود القلب، قال تعالى: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ ). ذلك هو الذاكر حقاً، الذى يحصل الذكرى و لا يكون من الغافلين”
“ولن يكون التدين - من حيث هو حركة النفس و المجتمع- جميلاً إلا إذا جَمُلَ باطنه و ظاهره على السواء، إذ لا انفصام ولا قطيعة فى الإسلام بين شكل و مضمون، بل هما معاً يتكاملان، و إنما الجمالية الدينية فى الحقيقة هى: (الإيمان) الذى يسكن نوره القلب، و يغمره كما يغمر الماء العذب الكأس البلورية، حتى إذا وصل إلى درجة الامتلاء فاض على الجوراح بالنور، فتجمل الأفعال و التصرفات التى هى فعل (الإسلام)، ثم تترقى هذه فى مراتب التجمل، حتى إذا وصلت درجة من الحُسن - بحيث صار معها القلب شفافاً، يُشاهد منازل الشوق و المحبة فى سيره إلى الله- كان ذلك هو (الإحسان) .و الإحسان هو عنوان الجمال فى الدين، و هو الذى عرفه المصطفى بقوله -صلى الله عليه و آله و سلم- "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”
“إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته و سماعه, و ألق سمعك و أحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه, فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله, قال تعالى "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ" ق : 37 و ذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر متقض و محل قابل و شرط لحصول الأثر”
“إنى على يقين بأن الدعوة الإسلامية بصيغتها الفطرية ستجد مكانها بين أولئك جميعا، و تصنع تيارها من كل الأطياف، لأن السياسة الحزبية بصورتها الحالية، إنما هى صنيعة بشرية برجماتية، أشبه ما تكون بالطائفية، لخلوها فى الغالب من المصالح العامة الحقيقية، اللهم إلا ما كان شعارا و كفى، فمصالحها إنما هى لبعض الناس لا لكل الناس، بينما الدين هو كله لله، و ما كان كله لله عاد فضله على كل الناس”
“ثم تبين أيضا أن المضي بالدعوة في مسارها المشاهد اليوم في كثير من البلاد، مضيا لا يراعي الظروف الجديدة، إنما هو مقامر بمصير الأمة. ذلك أن هذا المسار يغلب فيه الاستعراض على الاستنهاض و يطغى فيه النداء على البناء.”
“العلم الحق بالله هو ما عرَّف العبدَ بربه، وغمر قلبه بنور اليقين، وأكسبه مشاهدة حقائق الإيمان، وتجليات أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، بما عرف من جلال ربوبيته، وجمال ألوهيته، فتعلق قلبه به، وسار إليه تعالى إجلالا وتعظيما وخوفا ورجاء، وشوقا ومحبة، وتدرّج في مراتب الإخلاص حتى يكون من الصديقين. وذلك هو علم التوحيد المأخوذ من الكتاب والسنة رأسا.”
“و خرجت من عنده أحمل في قلبي بساتين الزيتون و البرتقال و ربيعا لا تذبل أزهاره أبدا.. و أحدق بعينين ثابتتين في شمس لا تغرب أضواؤها عن سماء روحي سرمدا..”