“لا أذكر أنني رأيت أياً من الدعاة التقليديين يضحك أو يبتسم, وكأن الإسلام مرتبط بالخوف والنار والرعب من الجحيم إلخ.”
“أذكر واقعة حدثت لي في الولايات المتحدة. كنت في سن الأربعين تقريبا، وكانت إحدى عاداتي أن أجري في الحدائق في المدينة الجامعية لأخفف من حدة التوتر الذهني ولأزيد من لياقتي البدنية. وبينما كنت أعدو، وجدت بعض الشباب في سيارة يقولون بسخرية: "اذهب واحرق نفسك". وحينما استفسرت من أصدقائي، أخبروني أنني في مثل هذه السن لابد أن أعاني مما يسمى أزمة منتصف العمر والتي تعني أن ما تبقى من عمري أقل مما فات، وأنه لا يوجد مجال للتجريب والخطأ. فدهشت كثيرا لأنني لم أكن قد بدأت حياتي الفكرية بعد، وأعرف كثيرا من المفكرين والأدباء في الشرق والغرب والشمال والجنوب ممن بدءوا حياتهم بعد سن الأربعين!”
“حينما يتم محو الأمية وتحديث المجتمع: ما مقدار الثقافة والأشكال الحضارية التقليدية التي ستختفي؟ هل تكون الخسارة الفادحة لا تعوض، أو أن الثمن سيكون معقولا؟ يرى البعض أن الثمن في الواقع سيكون فادحا لأن المواد التي سيقرؤها من تعلموا القراءة والكتابة لن تكون بالضرورة الأعمال الكاملة لإسخيلوس أو الفارابي أو كونفوشيوس. فعدد مجلات الحوادث والجرائم وأخبار النجوم اللامعة لا يحصى، ومعدل توزيعها يفوق معدل أي جريدة محترمة أو شبه محترمة. هل ثمة طريقة يمكن من خلالها محو الأمية بطريقة لا تؤدي بالضرورة إلى حرمان الجماهير من قدر كبير من الثقافة التقليدية الشفوية التي تتناقلها وتتعلمها دون جهد كبير، لأنه جزء من خطابها الحضاري وحياتها اليومية؟”
“اللامعيارية هي إمكانية كامنة في النماذج المادية التي تطمح لأن يولّد الإنسان المعيارية إما من عقله أو من الطبيعة/المادة و من خلال التطور يكتشف الإنسان أن عقله بلا مرجعية و أنه يدور حول ذاته و يقدس القوة ، و أن الطبيعة/المادة حركة بلا غاية أو هدف ، و من ثم لا تصلح مصدرا للمعيارية ، ومن ثم يتم الانتقال من العقلانية المادية إلى اللاعقلانية المادية ،و من التحديث و الحداثة إلى ما بعد الحداثة”
“فالحركة الصهيونية في إحدى ديباجاتها تحاول تقديم الحركة الصهيونية ومن بعدها الكيان الصهيوني باعتبارهما ظواهر سياسية عادية ، وكأن الكيان السياسي الإسرائيلي لا يختلف في أساسياته عن أي كيان سياسي آخر . فيتم الحديث عن نظام الحزبين في الديمقراطية الإسرائيلية وعن الصهيونية باعتبارها القومية اليهودية بل وحركة التحرر الوطني للشعب اليهودي ، وكأن الأقليات اليهودية في العالم ليست سوى شعوب صغيرة مثل شعوب العالم الثالث ، وكأن الصهيونية ليست شكلا من أشكال الأستعمار الأستيطاني الإحلالي وإنما حركة تطرد المغتصبين وتستعيد لهم أرض الأجداد المستعمرة !”
“إن أي مؤلف لا يكتب "للناس جميعا" وإنما لمجموعة محددة من البشر. وكل كاتب -في تصوري- يحتاج إلى جماعة من القراء تتوافر فيهم عدة شروط: أن يكونوا مهتمين بالقضية التي يتناولها، وأن يكونوا على مستوى فكري يمكنهم من الحكم على أعماله فلا يكيلوا المدح دون حساب أو مقياس، وألا يكونوا من الحاسدين الحاقدين. مثل هؤلاء يمكنهم توجيه النقد للمؤلف داخل إطار من الصداقة والتقبل المبدئي، ويعطيه قدرا من الشرعية، فهذا يشد من أزره، والحوار الدافيء الذكي يولد في نفسه الثقة فيزداد الإبداع.”
“لعل تنشئتي التقليدية جعلتني أرى أن المعايير الأخلاقية لا تنطبق إلا على الأفراد وحسب، أما المؤسسات فهي شخصيات مجردة لا شخصية، لا تهتم بالأفراد أو الأخلاق، وتتحرك كالوحش الكاسر أو كقوة من قوى الطبيعة، تحطم كل ما يأتي في طريقها. فالمقدرة على الاستمرار والبقاء هي القيمة المطلقة الوحيدة بالنسبة لها والتي تجب أي حسبانات إنسانية وأخلاقية”