“طبيعة الحياة عجيبة، لأنها لا تعطينا إلا لتأخذ منا، ولا تهب لنا شيئا إلا لتنال مقابلا، إنها تكيل لنا صاعا بصاع، فلا غرو إذا كانت آمالنا لا تتحقق إلا بين الأشواك فى الأرض الوعرة، وكأنما شاءت الدنيا أن تخفى مفاتنها تحت مصارع المطامع لتدفع الإنسان إلى مواجهتها والتغلب عليها.ومن ثم نعرف قيمة الشدائد، بل نعرف الفرق بين الأبطال الصناديد، والجبناء الرعاديد،إذ الشدائد هى المحك الذى يكشف عن معدن الرجل: قوة وضعفا.عقلا وهوى، والحياة ـ فى الأغلب الأعم ـ ليست إلا مزاجا من سعادة وتعاسة، وهناء وشقاء، وفرح وترح، ولا قيمة لها إذا كانت ذات لون واحد، وقديما قالوا: وبضدها تتميز الأشياء.فلا طعم للحلو دون المر، ولا مذاق للماء الفرات دون الماء الأجاج.”