“إن الصلاة واجبة، ولابد لأدائها من أغسال فصلها الشارع، فالوسائل هنا لابد من القيام به دون تزيد ولا انتقاص..والجهاد واجب، ولكن أدوات الجهاد وأساليبه ليس لها قالب معين تصب فيه! فإذا تغيرت الوسائل من السيف والرمح الى المدافع والصواريخ تغيرت معها الأحكام القديمة وتحول رباط الخيل الى إنشاء المطارات والحصون الحديثة، وإلى إنشاء معاهد العلوم الكيماوية والذرية والفلكية... الخ.قديما كان الرجل يشتري سلاحه من ماله الخاص، ويتعهد صيانته ويترب عليه! فإذا سمع النداء خرج راجلا، أو خرج معه فرسا الذي ارتبطه في سبيل الله، فإذا استشهد خلف أيامي ويتامى! وإذا جرح تحمل مداواة نفسه!.ونظام الغنائم ـ في مثل هذه الأحوال ـ لابد منه، بل هو العدالة المفروضة..وقد وردت نصوص كثيرة تشرحه وتحدد أنصبته!.أما اليوم فقد تغيرت الظروف تغيرا جذريا، فالدول تجند الأفراد تجنيدا عاما، يأتيها الشاب فتطعمه وتكسوه وتضع بين يديه سلاحه الذي اشترته له، وتعده للمعركة أتم إعداد، فإذا جرح داوته، وإذا قتل كرمته وتولت الإنفاق على أهله وولده...”
“إنه لا خلاف بين المسلمين في العمل بما صحت نسبته لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفق أصول الاستدلال التي وضعها الأئمة، وانتهت إليها الأمة...إنما ينشأ الخلاف حول صدق هذه النسبة أو بطلانها... وهو خلاف لابد من حسمه، ولابد من رفض الافتعال أو التكلف فيه..فإذا استجمع الخبر المروي شروط الصحة المقررة بين العلماء فلا معنى لرفضه وإذا وقع خلاف محترم في توفر هذه الشروط أصبح في الأمر سعة، وأمكن وجود وجهات نظر شتى، ولا علاقة للخلاف هنا بكفر ولا إيمان، ولا بطاعة أو عصيان..”
“فلما صاحوا : " الله أكبر ...! " ...فقال :إن هذه كلمة يدخلون بها صلاتهم، كأنما يخاطبون بها الزمن أنهم الساعة في وقت ليس منه ولا من دنياهم، وكأنهم يعلنون أنهم بين يدي من هو أكبر من الوجود، فإذا أعلنوا انصرافهم عن الوقت وشهوات الوقت، فذلك هو دخولهم في الصلاة؛ كأنهم يمحون الدنيا من النفس ساعة أو بعض ساعة؛ ومحوها من أنفسهم هو ارتفاعهم بأنفسهم عليها ...”
“وليس أمامي سبيل غير أن اختار .. لابد أن أختار في كل لحظة .. فإذا أضربت عن الاختيار .. كان إضرابي نوعاً من الاختيار ..”
“اعلم أن مفتاح معرفة الله تعالى هو معرفة النفس، كما قال سبحانه وتعالى: (سَنُريهِم آياتِنا في الآفاقِ وَفي أَنفُسِهِم حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه فقد عرف ربه). وليس شيء أقرب إليك من نفسك، فإذا لم تعرف نفسك، فكيف تعرف ربك؟ فإن قلت: إني أعرف نفسي! فإنما تعرف الجسم الظاهر، الذي هو اليد والرجل والرأس والجثة، ولا تعرف ما في باطنك من الأمر الذي به إذا غضبت طلبت الخصومة، وإذا اشتهيت طلبت النكاح، وإذا جعت طلبت الأكل، وإذا عطشت طلبت الشرب.”
“ثم لاحظت أحوالي ؛ فإذا أنا منغمس في العلائق ، وقد أحدقت بي من الجوانب ؛ ولاحظت أعمالي – وأحسنها التدريس والتعليم - فإذا أنا فيها مقبل على علوم غير مهمة ولا نافعة في طريق الآخرة.ثم تفكرت في نيتي في التدريس فإذا هي غير خالصة لوجه الله تعالى ، بل باعثها ومحركها طلب الجاه وانتشار الصيت ؛ فتيقنت أني على شفا جُرُف هار ، وأني قد أشفيت على النار ، إن لم أشتغل بتلافي الأحوال.”