“إن الله يقترب برحمته ممن يقفون عند منازلهم الإنسانية ويوقرون ربهم سرا وعلانية.اعترف فى ساحته بعجزك يمنحك القوة .اعترف فى ساحته بذلك ينضر وجهك بالكرامة.إبرأ من حولك وطولك إلى حوله وطوله يهبك سلطانا فى الأرض ويكفل لك التوفيق والنصر والنجاح (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم).والناس ـ فى العصر المغتر ـ زاهدون فى السماء عاكفون على الأرض، واثقون من عالم الشهادة ساخرون من عالم الغيب، مؤمنون بأنفسهم قليلو الاكتراث بربهم الذى خلقهم لغاية أشرف مما يألفون.وهم محرمون حقا من أمداد الفضل الإلهى ما بقوا على هذا الزيغ، بل هم معرضون حتما لنكال فى أعقاب نكال، وحرب فى أعقاب حرب.(ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد).”
“إن الفضل ينبثق من ذى الجلال والإكرام لأن ذلك وصفه ـ كما ينبثق الشعاع من الشمس ـ ولله المثل الأعلى ـ لأن طبيعتها الاتقاد.إن الملك الجليل الشأن الذى انبسط سلطانه على كل شىء فهو فى السماء إله وفى الأرض إله، ويعطى ويغدق لأن الكمال نعته سواء عرف البشر ذلك أم أنكروا.وعطاؤه على قدر عظمته، ومن ثم فهو أحق من يرجى ويقصد!!إن البشر يتهافتون على من يأنسون فيه القوة والغنى التماس جداء وابتغاء نداء، ولو عقلوا لعلموا أن ما لديه قطرة معارة، وأن أحق من يشدون إليه الرحال ويربطون به الآمال، هو الكبير المتعال.إن الأساس فى طبائع البشر طرا، مهما سمت مناصبهم وبدت قدراتهم، أنهم يأخذون لا يعطون.أليسوا فقراء إلى الله، عالة على فضله؟ فالاتجاه بالرجاء إليهم طيش.أما الرجاء فى الله فعمل وافق موضعه وأصاب هدفه.ثم إن جمهرة البشر حين يسألون تتحرك فيهم صفاتهم الفطرية، فهم بين جاهل بحال السائل، أو عالم بها عاجز عن علاجها، أو قادر يمنعه شح نفسه عن الإجابة.وتلك كلها آفات منفية عندما يتجه الرجاء إلى الله جل جلاله.ولذلك ترى أولى الألباب يقصدونه بالمطالب الجسام وهم راجون ألا ينقلبوا عن ساحته إلا راضين...”
“والواقع أن المسلم لا يطيق عصيان الله، ولا يرضى به، ولا يبقى عليه إن وقع فيه؟ بل إن ما يعقب المعصية فى نفسه من غضاضة وندامة يجعل عروضها له شبه مصيبة، فهى تجىء غالبا، غفلة عقل، أو كلال عزم أو مباغتة شهوة وهو فى توقيره لله، وحرصه على طاعته يرى ما حدث منه منكرا يجب استئصاله.إنه كالفلاح الذى يزرع الأرض فيرى " الدنيبة " ظهرت فيه، فهو يجتهد فى تنقية حقله قدر الاستطاعة من هذا الدخل الكريه.ولو بقى المسلم طول حياته ينقى عمله من هذه الأخطاء التى تهاجمه، أو من هذه الخطايا الذى يقع فيها، ما خلعه ذلك من ربقة الإسلام، ولا حرمه من غفران الله.”
“لا أرى لكم و الله من خلاص إلا فى النسيان ، فلا تشقوا بذاكرتكم”
“حرر نفسك من أدران البشر حرر نفسك من أدران من ران على قلوبهم فظنوا أنهم أرباب العصى يضربون بها من عصى، حرر نفسك من أولئك الذين ظنوا أن الله فوضهم فى الحكم على الناس فأدخلوهم إلى "غضب الله" ،حرر نفسك من خزنةالنار الذين يقبضون على قلوب الناس و يقذفون بها فى نار أمانيهم”
“المؤمن الحق ٬ لا يكترث بأمر ليس له من دين الله سناد. وهو ٬ فى جرأته على العرف والتقاليد ٬ سوف يلاقى العنت. بيد أنه لا ينبغى أن يخشى فى الله لومة لائم ٬ وعليه أن يمضى إلى غايته ٬ لا تعنيه قسوة النقد ٬ ولا جراحات الألسنة . والباطل الذى يروج حينا ٬ ثم يثور الأقوياء عليه فيسقطون مكانته. لا يبقى علي كثرة الأشياع أمدا طويلا ٬ ورب مخاصم اليوم من أجل باطل انخدع به ٬ أمسى نصيرا لمن خاصمهم ٬ مستريحا إلى ما علم منهم ٬ مؤيدا لهم بعد شقاق . عن ابن عباس رضى الله عنهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه . وأسخط عليه من أرضاه فى سخطه ! ومن أرضى الله فى سخط الناس رضى الله عنه . وأرضى عنه من أسخطه فى رضاه !! حتى يزينه ويزين قوله وعمله فى عينيه “ . فليجمد المسلم على ما يوقن به وليستخف بما يلقاه من سخرية واستنكار عندما يشذ عن عرف الجهال ٬ويخط لنفسه نهجا ٬ يلتمس به مثوبة الله عز وجل ٬”