“هونوا عليكم ، فإن للمؤمن ظنين : ظنا بنفسه ، وظنا بربه ، فأما ظنه بالنفس فينبغي أن ينزل بها دون جمحاتها ولا يفتأ ينزل ، فإذا رأى لنفسه أنها لم تعمل شيئا أوجب عليها أن تعمل ،فلا يزال دائما يدفعها ، وكلما أكثرت من الخير قال لها : أكثري . وكلما قلت من الشر قال لها : أقلي . ولا يزال هذا دأبه ما بقي ، وأما الظن بالله فينبغي أن يعلوا به فوق الفترات والعلل والآثام ، ولا يزال يعلوا ، فإن عند الله ظن عبده به ، إن خيرا فله وإن شرا فله”
“يا شقاء الإنسان وويله ! إذ يرسل الله على قلبه شعاع الرحمة والإيمان ةيأبى من غلبت عليه شقاوته إلا أن يضرم من هذا الشعاع الإلهي ناراً يُنضج بها غذاء شهوته ويطيبه ولا يزال يحتطب لها من كُل خبث جاف حتى تراه كأنه قدر تئز أزيزاً وكأنه في باطنه شظية من جهنم يسطع وهجها في عينيه”
“أشد سجون الحياة فكرة خائبة يسجن الحي فيها، لا هو مستطيع أن يدعها، ولا هو قادر أن يحققها؛ فهذا يمتد شقاؤه ما يمتد ولا يزال كأنه على أوله لا يتقدم إلى نهاية؛ ويتألم ما يتألم ولا تزال تشعره الحياة أن كل ما فات من العذاب إنما هو بَدْء العذاب.”
“ليس من طبعي أن أتصفح على الخلق فإن من وضع نفسه هذا الموضع هلك بالناس ولا يحيون به ، وتعقدوا في صدره كما يتعقد الماء العذب بالغصص المؤلمة ، ورموه بذنوبهم من حيث لا يمحص عنهم شيئا”
“ما زلت منذ وعيت كأنما أفرغ في قلبي هذا قلوب الناس بتوجعي لهم، وحناني عليهم، وكأنما أعيش في هذه الأرض عيش من وضع رجلا في الدنيا و رجلا في الآخرة، أحفظ الله في خلقه لأني أحفظ في نفسي الرحمة لهم وإن كان فيهم من يشبه في التلفف على على دواهيه بابا مقفلا على مغارة مظلمة في ليل دامس. وأتقي طائلة قلوبهم وألبسهم على تفصيلهم، قصارا أو طوالا كما خرجوا من شقي المقص المجتمعين من الليل والنهارتحت مسمار الشمس، وأصدرهم من نفسي مصدرا واحدالأني أعلم أن ميزان الله الذي يشيل و يرجح بالخفيف و الثقيل ليس في يدي، فلا أستخف ولا أستثقل. و أعرف أن الفضيلة ليست شيئا في نفسها ، بل بالإعتبار، فلا أدري إن كانت عند الله في فلان الذي يحقر الناس أو قلان الذي يحقره الناس. وليس من طبعي أن أتصفح على الخلق، فإن من وضع نفسه هذا الموضع هلك بالناس ولا يحيون به.”
“ولستُ أصدق أنّ ملحداً يعمل لخير الناس ابتغاءَ الخير نفسه فإن حدثوكَ بخبرٍ من ذلك فاعلم أنهُ يريد به الرجل بُرهاناً على صحة إلحادهِ الإنساني ، يخدع به من يقدم له الخير أو من يراه وهو يقدمه ؛ فإنه لـ سخافته بـ كفر الله ويريد أن يعمل بعمل الله”
“هؤلاء الأطفالُ الذين هم السهولة قبل أن تتعقد.والذين يَرون العالَم في أول ما ينمو الخيالُ ويتجاوز ويمتد.يفتّشون الأقدار من ظاهرها؛ ولا يستنبطون كيلا يتألموا بلا طائل.ويأخذون من الأشياء لأنفسهم فيفرحون بها، ولا يأخذون من أنفسهم للأشياء كيلا يُوجِدوا لها الهمّ.”