“إن مأساة إعراض الكثير من المسلمين عن إسلامهم وتفرقهم بين متاهات الشهوات والأهواء, لا تشكل خسارة تحيق بالإسلام, وإنما هي خسارة تحيق بهم أنفسهم. فالحصن الذي يتخلى عنه أصحابه يظل حصناً في واقعه وطبيعته وأداء مهمته, ولا بد أن يأوي إليه آخرون؛ وإنما تحدق الأخطار بأولئك الذين تخلوا عنه وآثروا لأنفسهم الانتشار في العراء.”
“دعا ممو ربه وهو السجن فقال:رباه ألست تبصرني؟ألست تبصرني، وأنا عبدك الضعيف؟ كيف أذوب بين كل هذه الآلام التي لا أطيقها..؟!رباه إن عبيدك في الأرض لم يرقّوا لتعاستي وشقائي، وإنما سحقوا جراحي، كما ترى، في التراب، وحرموني حتى من الزاد الذي أتبلغ به في طريق فنائي. فارحمني أنت يا رب، فوحقك لن أتوسل بعد اليوم إلى غيرك، ولن أكب دموعي إلا بين يديك، ولن أتذلل إلأ لجلالك................واشوقاه يا مولاي إلى ذلك اليوم ..! إذ نمضي إلى رحابك، فتمسح بيمين لطفك عن كلينا مدامع الظالمين، وتضمنا بين ذراعي رحمتك، آمنن مقبولين”
“المطلوب ممن قرر أن يجاهد نفسه الأمارة بالسوء أن يضع نصب عينيه أن يتحلّى في وقت واحد بالصبر والرضا والشكر والتوكل واليقين. وسبيل ذلك هو الإكثار من ذكر الله الذي لا يراد منه فرقعة السبحة في اليد، وإنما المراد منه بعبارة مختصرة تذكر المكوِّن كلما رئيت الأكوان، وتذكر المنعم كلما رئيت النعم.”
“إن جميع مدارك الإنسان إنما هو وليد تصوراته، والتصورات إنما تتجمع في الذهن عن طريق نوافذ الحواس الخمس. وهذا يعني أن الإنسان لا يعقل من المجردات إلا ما كان له مقاييس ونماذج حسية في ذهنه، فما لم يسبق له في ذهنه أي نموذج أو مقياس فإن من المحال بالنسبة إليه أن يتصوره ويدركه”
“و صفوة القول أننا لا نريد من هؤلاء الاخوة أن يتخلوا عن آرائهم الاجتهادية التى اقتنعوا بها. بل لا نملك أن نريد منهم ذلك, بل انهم هم أنفسهم لا يملكون ,فيما يقضى به الشرع, الا أن يتمسكوا بها و يدافعوا عن قناعاتهم الشخصية تجاهها ما داموا صادقين فى قناعاتهم العلمية بها.و لكننا نذكرهم بأن عليهم أن لا يجعلوا من آرائهم هذه مظهرا للدين الحق الذى لا محيد عنه الا الى الكفر و الشرك و الضلال , بل عليهم - وقد علمنا أنها مسائل اجتهادية- أن يتنبهوا الى أن المسلمين يسعهم أن يأخذوا فى هذه المسائل و أمثالها بما قد يهديهم اجتهادهم , ان كانوا أهلا للاجتهاد, ضمن دائرة المنهج المرسوم لهم جميعا. ولا عليهم أن يتفقوا فى نتيجة اجتهاداتهم هذه أو يختلفوا فيها. فكلهم مقبول بفضل الله و رحمته و مأجور.”
“حسبك طيشاً أيها القلب، وكفاك ابتعاداً وتوغلاً في المجاهل منفرداً عن قبس روحك وسراجها. فإن الطريق أمامك، ويحك، مظلمة، والهدف أمامك بعيد.إنها ، ويحك، روحك! روحك التي هي جزء منك....أيها القلب عد. عد لا تخدعنك مفاتن الغرور والأصداغ. ولا تصدقن شيئاً من ابتسامات الثغور والشفاه، ولا يأخذنك سحر العيون النجل، أو يجذبنك إشراق الوجوه بين ظلمة الشعور الملتوية.فكل هذا الذي يتألق في عينيك نوره إنما هو نار وجمر، سرعان ما يتوقد عليك لهيباً وتهلك في لظاه”
“تقول زين بطلة الرواية وهي مشتاقة لحبيبها :أيتها الأطيار السعيدة: كان لي بينكم في هذا الروض طائرٌ مسكين، أسود الحظ، منكوب الطالع، وقد غاب عنه منذ دهر وحلق في الجوّ منطلقاً ولم يعدّ، أفليس منكم من يدري في أي روض استوطن، وعلى أيّ غصن أقام عشه..؟ وهل فيكم من يحدثني عنه، أهو حي لا يزال يخفق بجناحيه ويغرد فوق أغصانه أم نكبه الدهر مثلي فطرحه وأضناه..؟”