“فـكل ما خرج عن القسم الخاص بتبليغ الرسالة الدينية , من السنة النبوية , فليس بدين وإنما هو سياسة , على العقل المسلم أن يتناول موضوعاتها ابتداء بالنظر والاجتهاد دونما تقيد بما روى فيها من النصوص والمأثورات , فقط عليه أن يتلزم المبادىء الحاكمة للنظر في هذه الأمور ومقاصد الشريعة فيها , فإن كان الأمر قضاء كان المعيار هو : البينة واليمين .. وإن كان الأمر سياسة كان المعيار هو تحقيق المصلحة للأمة ودفع الضرر والضرار عن الجماهير المسلمين”
“لقد كان تحكيم الشريعة الإسلامية , و لا يزال , هو الإعلان الإسلامي عن الإيمان بعبودية الإنسان لله وحده , دون شريك , وعن أن هذا الإنسان هو عبد لله وحده , وسيد لكل شئ بعده , وأنه خليفة لله في استعمار هذه الأرض , ينهض بأمانات الاستخلاف وفق الشريعة الإلهية , التي هي بنود عقد وعهد الاستخلاف”
“ولما كانت العلمانية الغربية تعني - إذا هي طبقت في المجتمعات الإسلامية - عزل الإنسان المسلم عن هويته الإسلامية , و انفلاته من حاكمية شريعته الإلهية , و تحويل قبلة الأمة عن تراثها التشريعي والفقهي إلى حيث تصبح قبلتها القوانين الوضعية الغربية , وفلسفتها التشريعية النفعية الدنيوية , ومنظومة قيمها التي تحرر " المصلحة " من " الاعتبار الشرعي " .. لما كان الأمر كذلك ، كانت العلمانية الغربية من أولى كتائب الاختراق الاستعماري لعالم الإسلام وثقافة المسلمين”
“وإذا كان "الحق" هو غاية الشريعة الإسلامية ، فلا حرمة للباطل، حتى ولو جاء ثمرة لاجتهاد خاطئ، ولا شرعية لهذا الباطل حتى وإن نطق به القاضي، ومضت عليه الأزمنة، ووضع موضع التطبيق: (ولا بمنعك قضاء قضيته بالأمس، فراجعت فيه نفسك، وهديت لرشدك، أن ترجع إلى الحق، فإن الحق لا يبطله شيء. وأعلم أن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل) ـ وفي هذا الذي كتبه عمر ـ قبل أربعة عشر قرنًا ـ تشريع "للاستئناف" و"النقض"، وتعدد درجات التقاضي ـ.”
“ورغم أن " الحاكم " للدولة كان النبي – صلي الله عليه وسلم -، وعليه ينزل وحى السماء بالقرآن الكريم – أي أنه قد جمع " الولاية الزمنية " إلي " النبوة والرسالة "، إلا أن هذه الدولة لم تكن " دولة دينية " بالمعني الذي عرفته مجتمعات غير إسلامية، وفلسفات غير إسلامية.. فهذا الدستور قد " تميز " عن القرآن، وإن لم يخالف وجه ومبادئة و" رعية " هذه الدولة لم تقف عند " الجماعة – الأمة – المؤمنة "، بل كانت " رعية سياسية " اتخذت من المعيار السياسي والإطار " السياسي " ميزانا حددت وميزة به الرعية عن الانهيار..”
“الدولة الإسلامية نظام متميز وفريد.. فالسيادة فيها للشريعة الإلهية.. والأمة فيها هي مصدر السلطات، والمستخلفة عن الله- شارع هذه الشريعة- .. والدولة فيها مختارة من الأمة ومستخلفة عنها- (الشريعة - فالأمة - فالدولة).”
“إن حال المسلمين هو أكبر مطعن يوجهه الخصوم إلى هذا الدين الحنيف .. وإن تغيير هذه الحال ، وتبديل ذلك الواقع ، وإقامة النهضة الإسلامية الحقيقية هي " الحرب " التي لابد لكل داعية ومفكر إسلامي من أن يستنفر المسلمين إلى خوضها .. ذلك أن تجسيد " النموذج الإسلامي " على أرض عالم الإسلام هو " الجيش " الإسلامي المؤهل " لغزو " قلوب الإنسانية المتحضرة وعقول الأحرار في أقطار المعمورة جميعها .”