“إن الإسلام لم يكن مجرد أمة إنما هو على الأرجح دعوة إلى أمة "تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ". أي تؤدي رسالة أخلاقية. وإذا نحن أغفلنا المكون السياسي للإسلام وقصرناه على النزعة التصوفية الدينية، فإننا بذلك نكرّس صامتين التبعية والعبودية. وفي المقابل، إذا تجاهلنا المكون الديني في الإسلام نتوقف عن أن نكون قوة أخلاقية. فهل يهم بعد ذلك إذا كانت الإمبريالية تسمى بريطانية أو ألمانية أو إسلامية، ما دامت مجرد قوة قاهرة للشعوب والأشياء؟”
“قوة الإسلام ترجع إلى أن أخلاقياته من حب وتآلف وأخوة وصدق هي أسس وقواعد سياسية كذلك، فالخط الأخلاقي هو خط سياسي في نفس الوقت، والسياسة في الإسلام هي الأخلاق ، ولا يمكن أن تفلح أمة الإسلام سياسياً إذا لم تكن صالحة أخلاقياً.”
“نحن بحاجة إلى دعوة إسلامية تبرز القيم العليا للإسلام ، و تقول للإنسان في الشرق و الغرب : إن دين الإسلام قام على أساس تكريم الإنسان”
“لقد انشطرت وحدة الإسلام على يد أناس قصروا الإسلام على جانبه الديني المجرد , لقد أختزلوا الدين إلى دين مجرد أو إلى صوفية فتدهورت أحوال المسلمين . ذلك أن المسلمين عندما يضعف نشاطهم وعندما يهملون دورهم في هذا العالم ويتوقفون عن التفاعل معه تصبح الدولة الإسلامية كأي دولة أخرى, وتصبح الدولة قوة عريانة لا تخدم إلا نفسها . ويشكل الملوك والعلماء الملحدون وفرق الدراويش والصوفية الوجه الخارجي للإنشطار الداخلي الذي أصاب الإسلام, وهنا نعود للمعادلة المسيحية : (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله) . إن الفلسفة الصوفية تمثل نمطا من أكثر الأنماط انحرافا ولذلك يمكن أن نطلق عليها (نصرنة الإسلام)إنها انتكاس بالإسلام من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى عيسى عليه السلام”
“وقد امتاز الإسلام، بين سائر الأديان، بأنه فرض على أتباعه واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يقول النبي محمد: "إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك ظالم، فقد تودع منها". وهذا الواجب الإسلامي، أي واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجب غريب يدعو إلى التأمل. فهو يفرض على الناس أن يجابهوا الظالم بالاعتراض والانتقاد وأن يقولوا له في وجهه: "إنك ظالم". ومن يدرس نفسية الظالمين يجد أنهم لا يستسيغون مثل هذه المجابهة اللاذعة. وكثيراً ما يأمرون بقتل من ينتقدهم أو يعترض عليهم .. جاء الوعاظ إلى واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي فرضه نبي الإسلام فأوّلوه لكي يلائم فلسفتهم في الخضوع للسلاطين. فهم قد جعلوا هذا الواجب العظيم وظيفة حكومية حقيرة وأطلقوا عليه اسم "الحسبة". وساعدهم السلاطين في ذلك فعيّنوا نوعاً من الجلاوزة يشبه ما نعرف اليوم عن جلاوزة البلديات، وأمروهم بالتجول في الأسواق في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. فرض النبي واجب النهي عن المنكر لكي يحرّض أمته على مكافحة الظلم، فجعله السلاطين سوطاً بيد الجلاوزة يسلطونه على رأس البقال والحمال والمعلم من أهل السوق المساكين.”
“اذاً فالتقابل بين "العروبة" و "الإسلام" الذي أخذ يتبلور من خلال هذين الموقفين لم يكن تقابلاً ماهوياً، فلم يكن الإختيار المطروح أن نختار العروبة أو الإسلام، بل كان: أي "الآخرين" يجب أن نقاوم أولاً، وبالتالي أي السلاحين يجب أن نحرك في البداية: سلاح العروبة أم سلاح الإسلام؟ فالثنائية إذاً لم تكن ثنائية على صعيد الهوية بل كانت على مستوى الأداة التي ينبغي تحريكها للدفاع عن الهوية وحمايتها.”