“ينشأ الإنسان عادة في بيئة ذات عقيدة معينة. فهو لا يكاد يفتح عينه للحياة حتى يرى أمه وأباه وأهل بيته وأقرانه يقدسون صنماً أو قبراً أو رجلاً من رجال التاريخ , وينسبون إليه كل فضيلة. وعقل الإنسان ينمو في هذا الوضع حتى يصبح كأنه في قالب , وهو لا يستطيع أن يفكر إلا في حدود ذلك القالب. إنه مقيَد ويحسب أنه حر. ولهذ نجد كل ذي عقيدة واثقاً من صحة عقيدته وثوقاً تاماً , أما المخالفون له فهم متعصبون – تعساً لهم!”
“والإنسان الذي يعيش في مجتمع متحرك لا يستطيع أن يحصل على الطمأنينة وراحة البال التي يحصل عليها الإنسان في المجتمع الراكد، إنه يجابه في كل يوم مشكلة، ولا يكاد ينتهي منها حتى تبغته مشكلة أخرى. وهو في دأب متواصل لا يستريح إلا عند الموت.”
“يمكن تشبيه الحقيقة بالهرم ذي الأوجه المتعددة حيث لا يرى الإنسان منه إلا وجهًا واحدًا في آن واحد . وقد يرى أحدنا وجهًا معينًا من وجوه الهرم هذا اليوم ثم يتحول عنه إلى غيره غدًا : وهو في كل يوم مغرور بما يرى متعصب له إذ يعتبر كل الناس ما عداه مخطئين”
“ففي رأى الجاحظ : أن آراء الإنسان وعقائده ليست إرادية بل هي مفروضة عليه فرضاَ وأنها نتيجة حتمية لكيفيه تكوين عقله وما يعرض عليه من الآراء فمن عرض عليه دين فلم يستحسنه عقله فهو مضطر إلى عدم الاستحسان وليس في الإمكان أن يستسحن وهو إذن ليس مسئولا عن اعتقاده، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فمن أصيب بعمى الأوان فرأى الأحمر أسود فلا لوم عليه في ذلك .إذ ليس في استطاعته إلا أن يفتح عينيه أو يقفلها أما أن يرى هذا اسود أو أحمر فلا دخل له فيه. وكذلك الشأن في المعقولات”
“كل إنسان على عقله إطار يحد من تفكيره, والإنسان لا يستطيع أن يرى شيئاً إلا إذا كان ذلك الشيء واقعاً في مجال هذا الإطار .”
“عبد اليزيديون الشيطان وتركوا الله. وحجتهم في ذلك ان الله يحب الخير بطبيعته فلا حاجة إلى استرضائه أو عبادته. أما الشيطان فهو مجبول على الشر وهو إذن اولى بالعبادة والإسترضاء في نظرهم .نحن نسخر من عقيدة اليزيديون هذه ومادرينا اننا يزيديون من حيث لاندري.”
“وأرجو من القارئ أن لا ينخدع بما يتحذلق به المتحذلقون من أنهم يحبون الحقيقة ويريدون الوصول إليها بأي ثمن. إن هذا هراء ما بعده هراء. إن الإنسان حيوان وابن حيوان وذو نسب في الحيوانات عريق. فهو يود من صميم قلبه أن يكون غالباً ويكره أن يكون مغلوباً على أي حال. إن الغلبة هي رمز البقاء في معركة الحياة. ومن النادر أن نجد إنساناً يلذ له أن يصل إلى الحقيقة وهو مغلوب أو مهان أو خاسر.”