“صلة المسلم بالمسجد تنبع من أعماق ضميره ! فهو البيت الذي يرنو إليه ويتردد صباحا ومساء عليه ، وفي ساحته الطهور يناجي ربه ، وتشرق على روحه أشعة من تكبير الله وتحميده ، يلتقي برجال مثله جمعتهم أخوة الإيمان وطاعة الرحمن ...إن الجماعات المتصلة في المساجد واحات من الخير والحق على ظهر الأرض ، ومثابة يأرز المؤمنون إليها هاربين من زحمة الأثرة والشهوة ، وسعار المآرب العاجلة مقبلين على الله راجين الدار الآخرة..!.فلا عجب إذا كان بين السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة رجل"قلبه معلق بالمساجد".”
“إن الإسلام يلح على كل إنسان فوق ظهر الأرض، ألا ينسى نسبه السماوى، وألا يتجاهل أصله المنبثق من روح الله.”
“عن عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن من عباد الله ناسا، ماهم بأنبياء ولا شهداء ،يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله ،قالوا يا رسول الله فخبرنا من هم ، فقال هم قوم تحابوا بروح الله ، بغير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور ،وإنهم لعلى نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس قرأ "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”
“والحق أن فضيلة القوة ترتكز فى نفس المسلم على عقيدة التوحيد٬ كغيرها من الفضائل التى تجعله يرفض الهوان فى الأرض ٬ لأنه رفيع القدر بانتسابه إلى السماء ٬ ولأنه يستطيع فى نطاق إيمانه أن يكون أمة وحده ٬ وفى فمه قول الله عز وجل : “قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين” .ومن فضائل القوة التى يوجبها الإسلام أن تكون وثيق العزم ٬ مجتمع النية على إدراك هدفك بالوسائل الصحيحة التى تقربك منه ٬ باذلا قصارى جهدك فى بلوغ مأربك ٬ غير تارك للحظوظ أن تصنع لك شيئا ٬ أو للأقدار أن تدبر لك ما قصرت فى تدبيره لنفسك !! فإن هناك أقواما يجعلون من الملجأ إليه ستارا يوارى تفريطهم المعيب وتخازلهم الذميم ٬ وهذا التواء كرهه الإسلام فعن عوف بن مالك قال : قضى رسول الله بين رجُلين. فلما أدبرا قال المقضى عليه: حسبى الله ونعم الوكيل ! فقال صلى الله عليه وسلم : إن الله يلوم على العجز !! ولكن عليك بالكيس ٬ فإذا غلبك أمرٌ فقل: حسبى الله ونعم الوكيل “ . أى أن المرء مكلف بتعبئة قُواه كلها لمغالبة مشاكله حتى تنزاح من طريقه ٬ فإن ذللها حتى استكانت له فقد أدى واجبه . وإن غلب على أمره أمامها بعد استفراغ جهده كان ركونه إلى الله عندئذ معاذا يعتصم به من غوائل الانكسار ٬ فهو على الحالين قوى ٬ بعمله أولا وبتوكله آخرا”
“وهنا سنن الله الكونية التى يجب أن يخضع لها المؤمنون والكافرون: أن الحياة فيها هذا التصادم المستمر بين قوى ومبادئ مختلفة.. وهكذا الحياة.. يحاول الكفر أن يفرض نفسه، فتنشط قوى الإيمان لكى تبقى.. فيبقى الإيمان بعد أن نمت قواه بضغط الكافرين عليه.. (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) هذا التدافع الحضارى، جزء من الاختبار الإلهى، وجزء من تمكين الخير من أن تزداد صلابته فى مواجهة الشر.”
“إن الله يقترب برحمته ممن يقفون عند منازلهم الإنسانية ويوقرون ربهم سرا وعلانية.اعترف فى ساحته بعجزك يمنحك القوة .اعترف فى ساحته بذلك ينضر وجهك بالكرامة.إبرأ من حولك وطولك إلى حوله وطوله يهبك سلطانا فى الأرض ويكفل لك التوفيق والنصر والنجاح (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم).والناس ـ فى العصر المغتر ـ زاهدون فى السماء عاكفون على الأرض، واثقون من عالم الشهادة ساخرون من عالم الغيب، مؤمنون بأنفسهم قليلو الاكتراث بربهم الذى خلقهم لغاية أشرف مما يألفون.وهم محرمون حقا من أمداد الفضل الإلهى ما بقوا على هذا الزيغ، بل هم معرضون حتما لنكال فى أعقاب نكال، وحرب فى أعقاب حرب.(ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد).”
“أما هذا القرآن فقد أعيي الإنس والجن أن يجيئوا بمثله، ومنذ نزل الى يوم الناس هذا إلى أن تبدل الأرض غير الأرض والسموات، وهو محفوظ بحفظ الله لا ترقى إليه ريبة، ولا يتوهم في تحريف، ولا يستغني طلاب الحق عن آياته البينات...وأما السنة فأوجز ما يقال فيها أنها «تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم» وقد أوتي محمد جوامع الكلم، وانسابت هداياته من ينبوع جياش بالرشد حافل بالخير، وسبحان من أبدع محمدا!! إنه الإنسان الفذ الذي صان الإيمان مادة ومعنى، وعاش به سيرة ودعوة، وأقام على دعائمه مجتمعا ودولة، وأنشأ باسمه حضارة ترنو إليها المشارق والمغارب، ويرهب باسها المعتدون والفوضويون..والثقافة الإسلامية قامت على الكتاب والسنة معا، وقد يئست الشياطين من تحريف الكتاب، فحاولت النيل من السنة ولكن العلماء النقدة صدوا هذا الهجوم، ومضوا بقافلة الإسلام منيعة الجانب على حين طاشت رسالات، وحالت رسوم..!ول نزال ـ بفضل الله ـ نحرس الإسلام، ولن تخلو الأرض من قائم له بحجة...ولا أعرف أحدا من علماء الإسلام هون من مكانة السنة النبوية، ولا أجاز أن يقول رسول الله كلمة ويمضي هو على خلافها، بل ذلك طريق الكفر..وما قد يقع بين العلماء من شجار في القضايا الفرعية أساسه: أقال رسول الله هذا الحديث أم لا..؟”