“والأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها لكثرتها فمنها أوقاف على العاجزين عن الحج يعطي لمن يحج عن الرجل منهم كفايته ومنها أوقاف على تجهيز البنات إلى أزواجهن وهي اللواتي لا قدرة لأهلهن على تجهيزهن ومنها أوقاف لفكاك الأسرى ومنها أوقاف لأبناء السبيل يعطون منها ما يأكلون ويلبسون ويتزودون لبلادهم ومنها أوقاف على تعديل الطرق ورصفها لأن أزقة دمشق لكل واحد منها رصيفان في جنبيه يمر عليهما المترجلون ويمر الركبان بين ذلك ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير.”
“الإنسان كله يا بني منطوٍ في رأسه.. وما هذا الجسم إلا أداة.. منها ما يحمل الرأس .. ومنها ما يحمل إليه ومنها ما يحمل عنه.. فالجسم دابة من الدواب لا أكثر ولا اقل ”
“أنا والآخرين مرايا متقابلة، منها المستوية ومنها غير ذلك، بالكتابة أتعقب صورنا المتبادلة”
“إن العلوم ثلاثة أقسام: منها ما لايُعلم إلا بالعقل، ومنها مالا يُعلم إلا بالسمع {الكتاب والسنة} ،ومنها مايُعلم بالسمع والعقل”
“وتبدو لنا فكرة الحرية اليوم كشعار شديد الغموض ومعناه غير جلي. ففي الشرق كما في الغرب يمتشق القمع حرابا ملونة بدم الحرية, فمنها السياسية ومنها الاقتصادية ومنها الفكرية. والحرية التي لم تعد تعني شيئا كثيرا اليوم على صعيد السياسة اليومية للانظمة هي التي يسمح بذكرها كل نظام ويستمد شرعيته منها. كذلك كان الدين, كمنبع للقيم الانسانية والاخلاقية التي لا يمكن لسلطة ان تحظى على الشرعية بدون التقرب منها.”
“مررت يوماً بعض أزقة دمشق فرأيت بها مملوكاً صغيراً قد سقطت من يده صحفة من الفخار الصيني وهم يسمونها الصحن فتكسرت واجتمع عليه الناس فقال له بعضهم اجمع شقفها واحملها معك لصاحب أوقاف الأواني فجمعها وذهب الرجل معه إليه فأراه إياها فدفع له ما اشترى به مثل ذلك الصحن وهذا من أحسن الأعمال فإن سيد الغلام لابد له أن يضربه على كسر الصحن أو ينهره وهو أيضاً ينكسر قلبه ويتغير لأجل ذلك فكان هذا الوقف جيراً للقلوب جزى الله خيراً من تسامت همته في الخير إلى مثل هذا.”