“النسيانُ صقلٌ للمخيلة.”
“قضى غير مأسوفٍ عليه من الورىفتىً غرّه في العيش نظمُ القصائدِلقد كان كذابًا وكان منافقًاوكان لئيم الطبع نزرَ المحامدِوكان خبيثَ النفسِ كالناس كلهمْجباناً قليلَ الخير جمَّ الحقائدِوقد كان مجنوناً تضاحكه المنىوفي ريقها سم الصلال الشواردِفعاش وما واساه في العيش واحدٌومات ولم يحفل به غير واحدِوجاءَ إلى الدنيا على رغم أنفهوراح على كره الأماني الشواردِأراد خلودَ الذكرِ في الأرض ضلةًفأورده النسيانُ مرَّ المواردِ”
“كم أنني أشتاقُ لي .. في انتظارِ الظامئينَ لغيمةٍ مرّتْ كأمٍّ لا تجفُّ إذا احتوتْ أطفالَها وبظلِّ بائعةٍ تحاولُ أن تبيعَ الوردَ حين تغافلَ النسيانُ لم يسألْ على أحوالها ! كم أنني أشتاقُ لي .. في صمتِ عازفةٍ تغنّي دونَ صوتْ .. تهتزُّ أشجارُ الطبيعةِ كلّها وكأنّها تصغي لِمَا غنّتْ , فبعضُ الجرحِ لا يُشفَى إذا غنيَتْ ! يزدادُ ملحُ البحرِ حين يزورهُ الفقراءُ دونَ ملاءةٍ أو زيتْ .. ! يزدادُ نزفكَ في هدوءِ العابرينَ على ارتعاشكَ دونَ أن يدروا بأنّكَ أنتْ .. ! كم أنني أشتاقُ " لي ”
“الله في السماءِ … والأملُ في الأرض !وبين روْح الله المُؤاسي ، ومَددِ الرجاءِ الآسي تندملُ الجفونُ القريحة ، وتلتئمُ القلوبُ الجريحة ، وتنتعشُ الجدودُ العاثرة.الكروانُ يموتُ فرخهُ في المساءِ ، وفي الصباحِ يرقصُ و يصدَح !والشاةُ يُذبحُ حملها في الحظيرة ، وفي المروجِ تثغو و تمرح !والقلب يُقطع من القلبِ والرُّوحُ تُنزعُ من الروحِ ، ثم يعيشُ المُحِبُّ بعد حبيبِه ، والوالدُ بعدَ ولده ، كما يعيشُ النهرُ الناضبُ في ارتقابِ الفيضان ، والروضُ الذابلُ في انتظارِ الربيع .لله على الناسِ نعمتانِ لا يطيبُ بدونهما العيش ، ولا يبلغ إلا عليهما العُمر : النسيانُ و الأمل.ماذا كان يصنع الأسى بالقلوب الوالهة إذا لم يمحُ النسيانُ من الذهنِ صورةَ الحبيبِ الراحلِ أو الهاجر ؟تأمل حالك يوم فجعكَ الموتُ في عزيزٍ عليك ، أما كنت تجدُ لهيبَ الحزنِ مُتصلاً يوقدُ صدركَ من غيرِ خُبُوَ ، ويذيبُ حَشاك من غير هُدْنَةٍ ؟تصوَّر دوامَ هذه النار على نياطِ القلبِ وأعصابِ الجسد ، ثم قَدَّر في نفسكَ الحياةَ على هذه الصورة ، على أنها والحمد لله لا تدوم ، فإن الجبارَ الذي سَلَّط الألم على الروح ، هو الرؤوف الذي سلط الزمنَ على الألم ، فالزمنُ لا ينفكُّ يسحبُ ذيولَ الأيامِ والليالي ، على الصورِ والآثارِ حتى تنطمسَ المَشابهُ وتعفو الرسوم ، ولا يبقى من المفقود إلا صورة لا تنطق ، ولا من الجراح إلا ندبة لا تحس .وماذا كان يفعل اليأسُ بالنفوسِ المكروبةِ إذا لم يفتح الأملُ أمامها فرجةً في الأفقِ المُطْبق ، وفسحةً من الغدِ المجهول ؟يا ويلتا للفقير يعتقد أن فقرهُ يدومُ بدوامِ الحياة ! وللمريض يرى أن مرضه ينتهي بانتهاء الأجل !ويا بُؤساً للحياةِ إذا لم يقل المأزومُ والمحرومُ والعاجز :إذا كان في اليومِ قنوط ، ففي الغدِ رجاء ، وإذا لم تكن ليَ الأرضُ … فستكون ليَ السماء !”
“اذا سيطرت فكرة على شخص بحيث أصبحت متغلغلة في أغوار عقله الباطن ،فإن كل الجهود الواعية التي يبذلها ذلك الشخص في مخالفة تلك الفكرة تؤدي إلى عكس النتيجة التي كان يبتغيها منها . يفسر كويه هذه الظاهرة النفسية العجيبة بتنازع الارادة والمخيلة أو تنازع الشعور واللاشعور . معنى هذا أن الارادة إذا كانت معاكسة للمخيلة أمست ضارة ، والجدير بالفرد في هذه الحالة أن يكون لا مباليا غير مكترث ،فذلك خير له من أن يكون حريصاً قوي الارادة . وأينما توجه الانسان في مختلف شؤون حياته يجد أثر قانون كويه واضحاً .فهو مثلا يريد أن يتذكر اسما معينا ، فيجد هذا الاسم يختفي من ذاكرته كلما حرص على تذكره . ولكنه لا يكاد ييأس من تذكر الاسم ويرجع الى مألوف عادته وعدم اكتراثه حتى يلمع في خاطره بغتة . لقد أراده فلم يأته ، وأهمله فجاء اليه يسعى . والواقع أننا نخفق في أي عمل نقوم به إذا تعاكست في أذهاننا المخيلة والإرادة . ولعلنا لانغالي اذا قلنا بأن الشخصية الناجحة هي التي تتخيل النجاح الذي تريده . والأولى بالمربين أن يطبعوا خيال النجاح في أذهان الأطفال بدلا من أن يحرضوهم على إرادة النجاح ، فينبغي أن يقولوا لهم " أنتم ناجحون " عوضا عن أن يقولوا لهم "كونوا ناجحين " .”