“آه ..ما أروع الموت بين العرب... ومع العرب ... آه ما أروع الانتماء إلى القبيلة! إن موت توفيق أعادني بدوياً مغرقاً في بداوته، وردني مرة أخرى إلى بني هاشم، وبني تغلب، وبني مخزوم، وبني تميم، وبني شيبان، وإلى كل أبناء العمومة والخؤولة الذين يقتسمون معك حياتك، ويقتسمون موتك.. أما هناك.. أما في لندن .. فإن الموت إعلان مدفوع الأجرة في جريدة "التايمز"، والميت زجاجة حليب فارغة مرمية في الشوارع الخلفية.”
“ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم اشعر من لبيد واشجع في الوغى من كل ليثٍ وآل مهلبٍ وبني يزيد”
“الشوارع تضيق، تضيق و تغدو أكفانـًا نلبسها حين يداهمنا الحزن، آه من الشوارع.. هل قلت أكفانا؟ إنها تتحول إلى أشياءٍ أخرى؛ تتحول في لحظة إلى لباس و في أحيان تغدو جنَّة و في أحيان أخرى دفتر ذكريات، إن الشوارع سجل لتاريخنا السري لا نقرؤه إلا حين نشعر أننا على وشك أن نغادرها.”
“قالت في قهر شديد : _إني صائرة إلى موت محقق ! فقال : _ كلنا صائرون إلى الموت .. _ إنما أعني موتا أفظع . _ ليس ثمة ما هو أفظع من الموت . _ ثمة موت يدركك وأنت حي !”
“بين العرب اليوم سباق إلى مصالحة إسرائيل والرضا بالهزيمة المذلّة, وأول مَن سنّ هذه السنّة الرئيس أنور السادات, لأنه ورث عن جمال عبد الناصر عروبة مقطوعة عن الإسلام مربوطة بقومية مجرّدة وجاهلية عمياء حرمته كل توفيق, وأذاقته الموت قبل أن يحين أجله!إنني أرمق أوضاع العرب السياسية فأشعر بغصّة, وسيبقى العرب ينحدرون ما داموا يرفضون الإسلام تربية وثقافة وشريعة وفلسفة وشارة حياة ودعامة مجتمع, وسيبقى الصلف اليهودي يتورم وتنفخ فيه الدول الكبرى ما بقي العرب زاهدين في الإسلام..وسيبقى قادتنا أصحاب عضلات من حِزَق إلى أن يرجع الإيمان التائه إلى القلوب الفارغة, وتعود الأخلاق إلى المسالك المعوجة الحق المر,”
“ونحن نريد بدراسة الجذور أن نميز العروبة والإسلام في وجهتنا. فمع أن الإسلام جاء ثورة عربية، ومع التوافق الكلي بين الخط العربي والخط الإسلامي في صدر الإسلام، فإن التباين بين الخطين بدا حين توسع الإسلام في آفاقه، وحين اتخذ سبيلاً لضرب العرب، وحين انجر العرب باسم الدين إلى قبول سيادات أجنبية، ما لبثوا أن ثاروا عليها. إن اعتزازنا بالتراث، وإعطاءنا القيم منزلتها لا يعنيان اتخاذ الإسلام رابطة سياسية أو إقامة الكيان على أساسه.”