“للكآبة آياد حريرية الملامس، قوية الأعصاب تقبض على القلوب وتؤلمها بالوحدة. فالوحدة حليفة الكآبة كما أنها أليفة كل حركة روحية. ونفس الصبي المنتصبة أمام عوامل الوحدة وتأثيرات الكآبة شبيهة بالزنبقة البيضاء عند خروجها من الكمام ترتعش أمام النسيم، وتفتح قلبها لأشعة الفجر وتضم أوراقها بمرور خيالات المساء، فأن لم يكن للصبي من الملاهي ما يشغل فكرته، ومن الرفاق من يشاركه في الأميال، كانت الحياة أمامه كحبس ضيق لا يرى في جوانبه غير أنوال العناكب ولا يسمع من زواياه سوى دبيب الحشرات.9. أما تلك الكآبة التي اتبعت أيام حداثتي فلم تكن ناتجة عن حاجتي إلى الملاهي لأنها كانت متوفرة لدي، ولا عن افتقاري إلى الرفاق لأنني كنت أجدهم أينما ذهبت، بل هي من أعراض علة طبيعية في النفس كانت تحبب إليّ الوحدة والانفراد وتميت في روحي الأميال إلى الملاهي والألعاب، وتخلع عن كتفيّ أجنحة الصبا وتجعلني أمام الوجود كحوض مياه بين الجبال يعكس بهدوئه المحزن رسوم الأشباح وألوان الغيوم وخطوط الأغصان ولكنه لا يجد ممراً يسير فيه جدولاً مترنماً إلى البحر.”

جبران خليل جبران

Explore This Quote Further

Quote by جبران خليل جبران: “للكآبة آياد حريرية الملامس، قوية الأعصاب تقبض عل… - Image 1

Similar quotes

“للكآبة أيد حريرية الملامس قوية الأعصاب تقبض على القلوب وتؤلمها بالوحدة فالوحدة حليفة الكآبة كما أنها أليفة كل حرمة روحية”


“إن رؤساء الدين في الشرق لا يكتفون بما يحصلون عليه من المجد والسؤدد بل يفعلون كل ما في وسعهم ليجعلوا أنسباءهم في مقدمة الشعب ومن المستبدين به والمستدرين قواه وأمواله، إن مجد الأمير ينتقل بالإرث إلى ابنه البكر بعد موته أما مجد الرئيس الديني فينتقل بالعدوى إلى الإخوة وأبناء الأخوة في حياته، وهكذا يصبح الإنسان كأفاعي البحر التي تقبض على الفريسة بمقابض كثيرة وتمتص دماءها بأفواه عديدة.”


“إن عذاب النفس بثباتها أمام المصاعب والمتاعب لهو أشرف من تقهقرها إلى حيث الأمان والطمأنينة. فالفراشة التي تظل مرفوفة حول السراج حتى تحترق هي أسمى من الخلد الذي يعيش براحة وسلامة في نفقه المظلم.”


“في تلك السنة ولدت ثانية و المرء إن لم تحبل به الكآبة و يتمخض به اليأس ، و تضعه المحبة في مهد الاحلام ، تظل حياته كصفحة خالية بيضاء في كتاب الكيان .في تلك السنة شاهدت ملائكة السماء تنظر الى من وراء أجفان امرأة جميلة ، و فيها رأيت ابالسة الجحيم يضجون و يتراكضون في صدر رجل مجرم ، و من لا يشاهد الملائكة و الشياطين في محاسن الحياة و مكروهاتها يظل قلبه بعيدا عن المعرفة و نفسه فارغة من العواطف”


“الأولى وهكذا شاءت السماء وعتقتني على حين غفلة من عبودية الحيرة والحداثة لأسير حراً في موكب المحبة، فالمحبة هي الحرية الوحيدة في هذا العالم لأنها ترفع النفس إلى مقام سام لا تبلغه شرائع البشر وتقاليدهم، ولا تسود عليه نواميس الطبيعة وأحكامها.”


“إن اللذين لم يهبهم الحب أجنحة لا يستطيعون أن يطيروا إلى ما وراء الغيوم ليروا ذلك العالم السحري الذي طافت فيه روحي وروح سلمى في تلك الساعة المحزنة بأفراحها المفرحة بأوجاعها. إن اللذين لم يتخذهم الحب أتباعاً لا يسمعون الحب متكلماً.”