“وعجيب أن نقع بين صنفين متناقضين: صنف يفسر بقواعد اللغة والبلاغة، ولفت النظر إلى بعض الأحكام القريبة الظاهرة ثم يقف.وصنف آخر يهدم القواعد ويتجاهل الحدود ويهجم على القرآن بمعان مبتوتة الصلة به لأنها فى نظره ترقق القلب، وترهف الوجدان، وتنقل الناس إلى الله.”
“إن التصنيف حاجة ضرورية بالنسبة للبشر ، لكنه يصبح حالة مرَضية عندما يجري النظر إلى الفئة المصنفة نظرة تقريرية قاطعة ، الأمر الذي يمنع الناس من التفكير في ضبابية الحدود الموضوعة بين الناس والمجتمعات ، خلا عن إعادة النظر في تقسيم الناس إلى فئات”
“هل هو الكلام الذي يحدث التفاهم بين الأرواح المتحابة؟ هل هي الأصوات والمقاطيع الخارجة من الشفاه والألسنة التي تقرب بين القلوب والعقول؟ أفلا يوجد شيء أسمى مما تلده الأفواه وأطهر مما تهتز به أوتار الحناجر؟ أليست هي السكينة التي تحمل شعاع النفس إلى النفس وتنقل همس القلب إلى القلب؟”
“و من أعجب ما رأيناه في إعجاز القرآن وإحكام نظمه، أنك تحسب ألفاظه هي التي تنقاد لمعانيه.ثم تتعرّف ذلك و تتغلغل فيه فتنتهي إلى أن معانيه منقادة لألفاظه، ثم تحسب العكس و تتعرفه متثبتا فتصير منه إلى عكس ما حسبت وما إن تزال مترددا على منازعة الجهتين كلتيهما، حتى ترده إلى الله الذي خلق في العرب فطرة اللغة، ثم أخرج من هذه اللغة ما أعجز تلك الفطرة.لأن ذلك التوالي بين الألفاظ و معانيها. و بين المعاني وألفاظها، مما لايعرف مثله إلا في الصفات الروحية العالية.إذ تتجاذب روحان قد ألفت بينهما حكمة الله فركّبتهما تركيبا مزجيا بحيث لا يجري حكم في هذا التجاذب على إحداهما حتى يشملها جميعاً.”
“لم يستطع يومها أن يفهم هذه اللغة. كيف يكون الله الكبير, العظيم, القادر على كل شىء فى القلب الصغير, المسجون فى قفص هذا الصدر؟”
“هذه المظاهر الخادعة من المسابح و الملابس، و اللحى و المراسم، و الطقوس و الألفاظ و الكلمات...أهذا هو الإسلام الذي أراد الله أن يكون رحمته العظمى، و منته الكبرى على العالمين؟أهذا هدي محمد صلى الله عليه و سلم الذي أراد به أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور؟أهذا هو تشريع القرآن الذي عالج أدواء الأمم و مشكلات الشعوب، و وضع للإصلاح أدق القواعد و أرسخ الأصول؟”