“ليست الدولة الإسلامية مجرد حارس للحدود أو شرطياً للدفاع عن مصالح فئوية، وإنما وظيفتها الرئيسية إقامة العدل، وأبسط معاني العدل الذي لا معني للعدل بدونه توفير حد الكفاف للجميع كخطوة لتحقيق الكفاية، وإلى أن يتوفر ذلك الحد المتقوم بغذاء وسكن وكساء ودواء فلا حرمة لمال، بل تستباح الأموال الخاصة والعامة في سبيل ذلك، ولو أدى الأمر إلى قتال المانعين لأنهم بغاة , وليس العمل الأول للدولة تقديم الهبات للمحتاجين كلا، وإنما توفير الأعمال”
“من الأفكار التي أطلقها بن كيران واستفادت منها الحركة فكرة أن مهمة الحركة الإسلامية ليست الوصول إلى السلطة حتى ولو كان الهدف إقامة الدين، بل إن مهمتها هي المشاركة في إقامة الدين من دون أن يتوقف ذلك على الوصول إلى السلطة، وهو يرى أن الحركة الإسلامية إذا صارت سياسية وطلبت الحكم - ولو لإقامة الدين- فهي سيجري عليها ما يجري على الساسة وطلاب الحكم. ويلح دائمًا على أن فعل الحركة يجب أن يكون تغيير ما بالنفس والمجتمع وليس الوصول إلى السلطة التي ستأتي تتويجًا لهذا التغيير وليس مقدمة إليه.”
“ومن حق كل وليد أن يجد من الكفاية الغذائية، والرعاية التربوية، ما يجده كل وليد آخر في الدولة. فإذا حدث أن كان دخل أبويه أو ظروفهما المعيشية لا تمكنهما من توفير هذه الفرصة له، فإن على الدولة أن توفر لهما هذه الظروف .. لا لحسابهما وحدهما كعضوين في هذاالمجتمع، بل لحساب هذا الوليد، الذي يصبح تكافؤ الفرص بالقياس له خرافة، إذا نشأ ناقص التغذية، أو مهملا في البيئة، بينما هناك ولدان آخرون محظوظون تتاح لهم هذه الفرصة دونه في الحياة.”
“لقد شرعت العقوبات لضمان تنفيذ الحد الأدنى من التشريع الذي لا يقوم المجتمع بدونه. ولكن ذلك لم يكن كل هدف الإسلام. فهو يكفي لحفظ المجتمع من السقوط، نعم. ولكنه لا يكفي لترقية المجتمع وحثه دائمًا إلى الأمام. فهذا أمر تقوم به الرغبة المنبعثة من داخل الضمير. الرغبة النبيلة المتطوعة التي لا تبحث عن حدود القانون لتقف عندها ملقية أثقالها، نافضة يديها. وإنما تبحث عن الآفاق العليا تحاول الصعود إليها. وتجد لذاتها في ذلك الصعود. وهذا لا يجيء بالتشريع. وإنما يجيء بالتوجيه. توجيه القلب إلى الله، ووصله به والتطلع إلى رضاه.وهما أمران متلازمان.. الحد الأدنى المفروض، والحد الأعلى المطلوب. ومن ثم تلازم التشريع والتوجيه في القرآن، وامتزجا فهما شيء واحد عسير التفريق!”
“بل هناك ما هو أهم من الشريعة، نعم هناك أهم من الشريعة ومن تطبيقها ، وهو العدل ، فلا معني للشريعة ولا فائدة ترتجي منها إلا بوجود العدل، أما شريعة بلا عدل فهي مجرد قشور ومظاهر للتحلية أو لادعاء الالتزام بقوانين الدين، والدين منها براء!”
“لا تكاد هذه الألفاظ تتجاوز أذنيك إلى عقلك فضلا عن أن تتجاوزها إلى قلبك وإلى ضميرك فتثير فيهما عاطفة أو هوى أو ميلاً، وتدعوك إلى أن تقدر الحياة كما ينبغي أن تقدر الحياة. صدقني أنكم لا تدرسون الشعر ولا تدرسون الأدب، وإنما تدرسون ألفاظاَ ومعاني وصوراً ليست من الشعر ولا من الأدب في شيء.”