“هل يعانى المسلمون اليوم من أزمة فى المنهج كانت سببا فى أزمتهم الفكرية، أم أنهم يعانون من أزمة فكر وفهم، ووسيلة فهم للمنهج الذى شرعه القرآن بقوله (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) ، (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) فالقرآن موجود بين أيديهم كما كان موجودا بين أيدى الصحابة، ونصوصه محفوظة.. لكن المشكلة بالتعامل والفهم.. ومالك رضى الله عنه ـ وهو على رأس القرن الثانى من الهجرة ـ يقول: لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.فهل نقول: بأن نهوض أى مجتمع مرهون بتوفير ظروف وشروط ميلاده الأولى، ومن ذلك: حسن الفهم للقرآن، وحسن التعامل معه؟وقد تكون الخطورة كبيرة إذا سلمنا بوجود أزمة منهج مع وجود القرآن والسنة! امتاز العرب الذين صحبوا النبى عليه الصلاة والسلام، بأنهم تلقوا الرسالة بسليقتهم، ووصلوا إلى أعماقها دون تكلف، وكانوا أشعة لها.. فعندما أنظر إلى بدوى مثل ربعى بن عامر يكلم قائد الفرس ويقول له: جئنا نخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله.. من أين فهم الرجل هذا الكلام؟.. من نضح القرآن على نفسه.. لقد أوجد القرآن ناسا استطاعوا أن يرتفعوا فوق مستوى عقل الفرس، وعقل الروم، وهذه دول لها حضارة لا يمكن إنكارها لكنها تلاشت، وعندما تعامل العرب معهم ما كانت هناك عقدة نقص أبدا عند العرب، بل كان هناك استعلاء إيمان، والذى صنع هذا فى نفوسهم هو: القرآن.”
“لقد أوجد القرآن ناسا استطاعوا أن يرتفعوا فوق مستوى عقل الفرس، وعقل الروم، وهذه دول لها حضارة لا يمكن إنكارها لكنها تلاشت، وعندما تعامل العرب معهم ما كانت هناك عقدة نقص أبدا عند العرب، بل كان هناك استعلاء إيمان، والذى صنع هذا فى نفوسهم هو: القرآن.”
“أن المنهج قائم، وهو الكتاب والسنة.. ويكاد يكون عدد كبير من الناس يرون أن الحل الأول والأخير تبعا لمالك فى كلمته، وهو حديث مشهور: 'تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله تعالى وسنتى.. ' المنهج من الكتاب والسنة، لكن هناك بعض الناس يأتى ويأخذ من صورة عاد: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين) ويعيب على الملوك فى عهده أنهم جبابرة ! من قصص القرآن آخذ الفكر العام: ألا يكون الحاكم جبارا، وألا تكون السلطة قاهرة بمثل تلك الطريقة.. وآخذ أيضا من قوله تعالى: ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) ضرورة أن الإسلام متكامل، لا يقوم بعضه فى غيبة بعضه الآخر، ولابد من هذا التماسك.. كلمة عمر رضى الله عنه عن حقوق الإنسان، والتى هى أول بند فى ميثاق الأمم المتحدة، لم يرتبها، ولم يجلس لصياغتها، وإنما استمدها من المناخ الذى وضعه فيه القرآن : (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)، ونتيجة لتجاوبه مع القرآن وفهمه له.. انطلاق أبى بكر لضرب الفرس والروم، انطلاق من أن سطوة الحق فى نفسه، دلته على أن الباطل لا يمكن أن يحكم بهذه الطريقة، وعرف رسالة الأمة العالمية، ومعنى أن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ رحمة للعالمين، أى أن يهدى هذه الشعوب التى حولهم، إلحاق الرحمة بها، وفك إسارها، وإخراجها من السجن الكبير الذى تعيش فيه.. المنهج هو المنهج.. القرآن هو القرآن لكن، إلى الآن، أين المتدبرون؟”
“إن العقيدة- فى المنطق الإسلامى- لا تثبت إلا من نص قطعى الدلالة والثبوت، وهذه المرويات الآحادية يقبلها من يقبلها، ويأباها من يأباها، ويؤولها من يؤولها، فما معنى استحيائها فى هذا العصر وشغل الأذهان بها؟ أهى فتنة للناس؟! من أجل ذلك نريد أن ننظر فى ثقافتنا الإسلامية المعاصرة لنعيدها إلى قواعدها الأولى!. وكتابنا معصوم جملة وتفصيلا، والسنة فى جملتها ثابتة، ضبطها الفقهاء والعلماء الثقات بما ينفى عنها الأوهام، ويجعلها ضميمة إلى القرآن الكريم، لا نند عنه.. ولا تبعد عن هداه.. ولا ريب أن للسنن المتواترة حكم القرآن نفسه..”
“فإذا كانت وظيفة القلم، أو الرأى، أن يخدم أصحاب السلطة، فإن الأمة الإسلامية ستكون آخر الأمم، بالطريقة التى تعيش بها. والغريب أنى لا أرى هذا فى العالم الآخر! عندنا أزمة فهم.. عندنا أزمة فقه.. وعندنا مع هذا وذاك أزمة فكر.. والمحزن أن الذين يملكون الفكر، يملكهم من يملكون السيف.. فالمحنة كبيرة فى العالم الإسلامى، ما بقى السيف قادرا على ضرب الفكر، وتحديد إقامته..”
“والعجب أن العرب يبتعدون عن القرآن والسنة في الوقت التي يهرع فيه الآخرون إلي مواريثهم يتشبثون بها ويستمدون منها. قرأت عنواناً على مساحة ثلاثة أعمدة في صحيفة كويتية يقول "ريجان يلجأ إلى آيات إنجيلية للدفاع عن النفقات العسكرية" وقرأت لحكام إسرائيل ما هو أدهى وأمر. أما نحن العرب العظماء فلا نقر هذه الرجعية، ولا نحب أن نلجأ إلى نصوص القرآن والسنة لإعزاز أنفسنا، إننا أبناء هانيبال وامرئ القيس، وحسبنا هذا من شرف أو من قرف..!!”