“وحين يقطع الإنسان صلته بالله - فرداً كان هذا الإنسان أو جماعة- فلا مصير له إلا هذا المصير(أرأيت من اتخذ إلهه هواه؟) والهوى هو الخضوع للضرورات:هو الهبوط مع الخيط الهابط، وإهمال الفدرة على الصعود.”
“الإنسان عابد بفطرته .. وهو إما أن يعبد الله وحده بلا شريك ، وإما أن يعبد آلهة أخرى غير الله ، معه ، أو من دونه سواء!إنه لا يوجد من لا يَعْبُد ... وحين يدعى ذلك إنسان ، ويتوهم أنه "طليق" من كل عبادة ، فهو الذى قال الله عنه :( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )إنه حتى فى هذة الحالة "عابد" .. ولكنه عابد لغير الله.”
“الدين لم يطالب الإنسان - من أجل أن يؤمن بالله - أن تفكر في الذات الإلهية التي يعجز عن الإحاطة بها , إنما طالبه بالتفكر في آيات الله التي تستجيش النفس بدلالاتها الواضحة على تفرد الله سبحانه وتعالى بالألوهية والربوبية فيؤمن الإنسان بالله الواحد الذي لا شريك له , ثم تستقيم حياته بمقتضى ذلك الإيمان .”
“فالأن نستطيع أن نأخذ فكرة عامة عن هذا المخلوق :* إنه مخلوق متفرد , فكل تفسير له يلحقه بغيره من الكائنات تفسير باطل من أساسه , سواء فى ذالك من يفسره بالتفسير الحيوانى او التفسير الميكانيكى , أو يفسره بالتفسير الملائكى أو النورانى , أو غيرهما من التفسيرات. * وهو مخلوق خطير الشأن فى دورة الحياة . أولى أيات خطره أن الله بنفسه سبحانه هو الذى يعلن نبأ مولده. ومن أيات هذا الخطر أن تسجد لخلقه الملائكة وأن يسخر الله له السموات والأرض جميعا. وأن يجعل الله إرادته العليا سبحانه مقضية عن طريق إرادة الإنسان وسلوكه وأفعاله "إن الله لايغير مابقوم إلا أن يغيروا ما بأنفسهم " .. "ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس"* مخلوق مزود بطاقات . من أبرزها طاقة المعرفة , وطاقة الإرادة الضابطة , وطاقة القوة الفعالة المتضمنة فى مغنى الخلافة ومقتضياها. وطاقة الصراع والقدرة على التوجه إلى الله وتلقى كلماته وتتبع هداه .. والقدرة على الإستقرار والمتاع.* وهو مخلوق مشتمل على نقطة ضعف وهى حب الشهوات ونسيان العهد ونسيان الهدى والكفر بأيات الله.* وه مخلوق ذو طبيعة مزدوجة. فيه القدرة على الإرتفاع لأقصى مدى والقدرة على الهبوط للحضيض.”
“إن الإنسان كائن أخلاقي بطبعه ، أي أن أعماله تحمل معها (( قيمة )) خلقية ، بصرف النظر عن كون هذه القيمة في اعتبار الإنسان بعينه صحيحة أم خاطئة. إنما تستمد أعمال الإنسان قيمة خلقية من كون أن له طريقين اثنين لا طريقًا واحدًا - غريزيًا - كالحيوان، و له القدرة على معرفة الطريقين و اختيار أحدهما”
“فالميلاد في أرض معينه أمر لا يتخيره الإنسان لنفسه ، و من الحماقة أن يكون بذاته محلا للتفاضل بين بشر و بشر ! و اتخاذ لغة البقعة من الأرض التي ولد فيها الإنسان هو أمر كذلك لا يختاره الإنسان لنفسه، و من ثم فلا مجال لأن يكون بذاته موضعًا للتفاضل بين بشر و بشر! و الانتماء - بالمولد - إلى جنس معين هو أمر كسابقيه لا اختيار للانسان فيه، فضلا عن حماقة التفاضل بالجنس ( أو باللون ) التي لم تخل منها جاهلية من جاهليات التاريخ حتى جاهلية القرن العشرين”
“أن كيان الأنسان كيان واسع شامل لاتحده الخطوط الضئيلة التي يهتدي إليها العلم التجريبي، أو تدركها الملاحظة المحدودة. وأن البيئة الخارجية تتفاعل مع بعض عناصر هذا الكيان فتبرزها اكثر من غيرها، أو تخفي بعضها لأنه غير لازم في فترة معينة.....للبشر جميعاً كياناً مشتركاً هو (الأنسان) وأن البيئة قد تبرز بعض جوانب هذا الكيان أو تهملها، ولكنها لا تنشئها من العدم، ولا تقتلها أو تزيلها من مكانها...”