“فدولة الإسلام ليست دولة دينية , كما كان الحال فى " القيصرية البابوية " و " البابوية القيصرية " وعلماء الإسلام ليسوا رجال دين - أكليروس - يحولون - بالوساطة - بين الإنسان وبين الله , أو يملكون سلطان الحكم على العقائد والتحليل والتحريم .. والشريعة الإسلامية - التى لم تدع كل ما لقيصر لقيصر - قد وقفت عند النهج والمقاصد والحدود فيما هو ثوابت .. ثم قررت أن تكون الأمة مصدر السلطة التى تشرع وتقنن وتنفذ كى تتحول مقاصد الشريعة إلى نظم تحقق للأمة المصالح المتجددة والمتطورة بتغاير الزمان والمكان .. فالقائلون - منا - بالسلطة الدينية , مقلدون للغرب وكهانته الكاثوليكية .. ولا علاقة لفكرهم هذا بأصول الإسلام !”
“فالنصرانية " دين " بلا " شريعة مدنية للشئون العمرانية " , تدع ما لقيصر لقيصر وما لله لله , ورسالة لاهوتها : خلاص الروح .. ومهمة كنيستها : مملكة السماء .. فلما تجاوزت " البابوية " إطار " الروح " و اغتصبت السلطة " الزمنية " أيضاً, فقدست الدنيوي , و جمدت المتغير , ووضعت الدنيا في قوالب الدين .. جاء " التنوير - العلماني " ثورة تعيد البابوية واللاهوت والكنيسة إلى مواقعها الطبيعية والأصلية .. بينما السياق الإسلامي و الملابسات التاريخية والحضارية الإسلامية , والطبيعة المتميزة للرسالة الإسلامية , لم تعرف شيئاً من هذا " الفعل " الذى جاء " التنوير الغربي " " رد فعل له " ! . ـ محمد عمارة " الإسلام بين التنوير والتزوير ”
“كثيرون ـ من العلمانيين.. ومن غير المسلمين ـ يعترضون على النص في دساتير الدول الإسلامية على أن دين الدولة هو الإسلام.. بينما لا يعترض أحد من هؤلاء على النص في دساتير كثير من الدول المسيحية على الهوية المسيحية للدولة ـ مع أن المسيحية تدع ما لقيصر لقيصر، وتقف عند هداية الخطاة ومملكة السماء ـ على عكس الإسلام الذي هو دين ودولة.. وقيم وسياسة وسماء وأرض.. ومنهاج شامل لكل ميادين الدنيا والآخرة ـ !”
“لقد انشطرت وحدة الإسلام على يد أناس قصروا الإسلام على جانبه الديني المجرد , لقد أختزلوا الدين إلى دين مجرد أو إلى صوفية فتدهورت أحوال المسلمين . ذلك أن المسلمين عندما يضعف نشاطهم وعندما يهملون دورهم في هذا العالم ويتوقفون عن التفاعل معه تصبح الدولة الإسلامية كأي دولة أخرى, وتصبح الدولة قوة عريانة لا تخدم إلا نفسها . ويشكل الملوك والعلماء الملحدون وفرق الدراويش والصوفية الوجه الخارجي للإنشطار الداخلي الذي أصاب الإسلام, وهنا نعود للمعادلة المسيحية : (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله) . إن الفلسفة الصوفية تمثل نمطا من أكثر الأنماط انحرافا ولذلك يمكن أن نطلق عليها (نصرنة الإسلام)إنها انتكاس بالإسلام من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى عيسى عليه السلام”
“لقد كان فكر " السلطة الدينية " , وكذلك " تطبيقاتها " , في حضارتنا العربية الإسلامية النقطة السوداء التى مثلت الشذوذ الذي يثبت قاعدة : رفض الإسلام لهذا الفكر و إنكار الأمة و عامة مفكريها لتطبيقاته .. فظلت هذه الدعوى , في سماء حضارتنا وتاريخنا, سحابة صيف , لم تتجسد في مؤسسات, و لم يجتمع حولها جمهور , و لم يقم لها ـ باستثناء الشيعة ـ مذهب في إطار مذاهب الإسلاميين . وإنما وقفت عند حد الشبهات !”
“ليست السياسة فى الإسلام نفاقا، و ليست السياسة فى الإسلام ظلما، وليست السياسة فى الإسلام كبرا و ليست السياسة فى الإسلام فقدانا للضمير أو خلفا للعهد أو نقضا للمواثيق بل السياسة فى الإسلام جزء لا يتجزأ من الدين فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن يفصل بينها وبين الدين.”