“إلتقينا إذاً .. و كُنتَ معها .. تلكَ التي تَجلس في سِيارتك .. إلى جانبك تَحديداً و رُبما في قَلبكَ أَيضاً .. تَبتسمُ لَكَ .. و تَنظُرُ في عَينيكَ بِلا وَجل .. و في المُقابلِ .. كُنت أنا بِجانبه .. ذلك الرَجلُ الذي تَركتُكَ من أجله .. إنه الرجل ذاته .. الذي تَعب في تَربيتي عُمراً كاملاً فَخشيتُ أن أهدم ثِقته ! نعم إنه أبي !”
“أكرهك بحجم الفراغ الذي تركتَهُ بعدك ..بحجم البؤس الذي نشرت رائحته في طريق غيابك ..بحجم الخذلان الذي قدمته لي في علب حلوى مُزركشة ..بحجم الألم الذي طعنتني به ..بحجم الليالي التي بكيت فيها رحيلك ..بحجم الأوقات التي احتجتك بها ولم أجدك ..بحجم الفقد ..بحجم الجرح ..بحجم جُثة الحب الهامدة في ذاكرتي ..أكرهك ..بحجم قلبي الكبير .. و وجعي الكبير ..و عطفي الكبير ... و وفائي الكبير .أكرهك ..يا مَن سكنت القلب و العقل ..فما صُنعت العِشرَة ..و لا قدَّرتَ المعروف ...و لا كُنت أَهلاً لعطاءٍ أكبر مِنك !..”
“الأفكار التي تدور في رأسي ، طيفك الذي يرافقني في كل خطوة ، انتظارك على المقعد الخشبي للغياب ، رزمة العواطف التي تدسها في جيوب قلبي في لقائاتنا القصيرة .. و الكثير من الأشياء التي لا أملك الوقت لذكرها و قد لا يهتم أحد بقرائتها .. كل هذا يتعبني جدا و يستنزف طاقتي بشكل مذهل !”
“كأنَّنا طوال الفَترة الماضية لَم نَكُن أكثر من ضَيفين في حَفلَةٍ تَنَكُرية ..أنا مَثلتُ دورَ الساذَجة التي تَثقُ بِك ،و أنتَ مَثلتَ دور الرجل النبيل !و ما لَبثت ساعة الفِراق أن دَّقت ،لِنعود للواقع و يَظهر كُلٌّ منا على حقيقته ،أنا و حُزني ، أنتَ و زِيفك !”
“هَذا اليَوم الذي يُمكنني أن أطلق عَليه إسم "اليوم الذي لم أستيقظ فيه على رِسالةٍ منك" لا يَبدو يوماً جيداً على الإطلاق .. في الحقيقة : أرفضُ أَنْ أُسميه "يوماً سيئاً" حتى لا أجلِبَ لِنفسي المزيدَ مِنَ الشُؤم فَقد تَكونُ مُصادَفةً أَنني أُصبتُ بحساسيةٍ في العيون وقد نسيتُ نظارتي الشمسيةَ في المنزل قد تَكون مصادفةً أَيضاً أَن أضطر للذَهابِ في مشوارٍ طَويل دون كتابيَّ الذي نَسيته على رَفِّ المكتبة و الذي كانَ من المُمكن أن يَكون رفيقاً جيداً خلال هذا اليَوم ! ها .. أرأيت ..ليسَ هذا يوماً سيئاً إِنما يوم المصادفات الغير متوقعة كتِلكَ التي مررتُ فيها أمام مَنزلك .. و لم تَكُنْ مَوجوداً و كانت أزهارُ أمكَ تشتكي غِيابك إلى أن جاملتُها أنا ببضعِ كلماتٍ من تلكَ التي أقولها لِنفسي في الليالي الطويلة التي أفتقدك فيها و أبكي برفقة أكواب القهوة التي تتناثر حولي ! أتعلم .. أحياناً أتمنى لو يَظهر في عالمِ الطب من يرفعُ شعاراً مثل : "لا للغياب" "الغياب مُضرٌّ بالصحةِ الجسديةِ والنفسية" لا عَليك مُجرد فكرةٍ مجنونة تخطر ببالي ليس إلّا لا تقلق جنوني الذي تعرفه لم يدفعني بعد للترويج لمثل هذه الحملة . * * نسيتُ أن أخبرك أمراً مُهماً الطقس اليوم يبدو جيداً على غيرِ عادتهِ السماءُ زرقاء تتخللها غيومٌ إسفنجية كحبات المارشميلو و نسيمٌ عليل يتسلل من النافذةِ ليداعبَ الدمعات التي تتسرب من عينيَّ على أي حال قد لا يُهمكَ كل ما ذكرتهُ أعلاه لكن هُناكَ أَسئِلةُ تراودني هل ما زالت عيناك بلون الشوكلاتة ؟ تلكَ التي قُلت لَك يوماً أنني أُحبها أكثر مِنك ! بالمناسبة : أما زلتَ غاضباً من ذاك المَوقف ؟ في الحقيقة لا أستطيع أن أذكر إن كُنت يومها أُداعبك أم أقول الحقيقة ! لا عليك فأنا أُحبك أخيراً إن كُنتَ مُهتماً لا تقلق عليّ .. فأنا بخير ابتسمُ كثيراً هذه الأيام يقولون ابتسامتي جميلة و استعادت حيويتها ! لكن لا تُصدقهم .. كانت لتكون أجمل لو كنتَ هُنا !..”
“على شَفا نِسيان . نَسمَة رَقيقة عَبرت روحي حين ذكرتك ، في خِضَم كُل الأَشياء التي تتَكدس في ذاكرتي و قَلبي ، تَبقى أنت الأهم و الأجمل و الأرقى من كُل ما يَستحق الكِتابة ! مَر زَمن مُنذ هَمستُ بِك في حِروفي ، و كأن هذا الحُب الذي جَمعنا لِسنوات لا يُمكن أن يَنتهي بِنقطة في نهايةِ قَصيدة عابرة ! و كأن الكَلمات التي ألقي بِها بَعيداً كُلما أمسكت بيِّد النِسيان تأبى أن ترحل عَني .. فَتعود مِراراً لِتسُد ظمأ روحي ! أنت و الكِتابة ضَيفان لا يَجتمعان في قَلب إمرأة ، مِزاجية ، نرجسية ، تَعشق الكَلمات التي تَغتسل في أنهار عِطرك ! يَقولون : "مواليد الشهر الواحد متشابهون كثيراً" و كُنا نحن المثال الذي يشُّذ عن هذه القاعدة لم نَتشابه يا سيدي ، إلا في هذا الحُب الذي قَرع أبواب قلوبنا برِقة حَبات المَطر و قَطرات النَدى ! ☁ ☁ ☁ ☁ هل يَعنيك أن تَعلم أنني أستلم برقية حَضورك بِملل باذخ ، أقلبها على الوَجهِ الآخر لأرسم بِكُل دقة خارطة الفراق الذي أخشاه ، أهرب من السَعادة التي أتمناها معك لأنني لا أأمن الحب على قَلبي ! أرد إليك رِسالتك مُغلفة بالغياب و الدُموع . أكتم صراخ قَلبي المحموم بك ! و أمد عُنقي لِمقصلة الغياب ، هَذا الغِياب الذي نوقِّعُ على وَثائِقهِ بكامل إرادتنا موجعٌ حد المَوت و أكثر !”
“صُداع فريدٌ من نوعه يقرع طبولهُ في رأسي منذ أيام .. محاولات النوم تَفشل منذ أُسبوع بسبب الصَخب الذي يملأُ أروقة المنزل .. والذاكرة التي لا تكاد تتركني حتى تعود بوجعٍ أكبر من الذي يسبقه .. كل هذا الضجر حولي يجعلني أُحاول كسر حاجز الصمت ما بيني و بيني .. أو حَبس سيل الدموع الذي يفيض كلما قرأت تلك الحروف المُكدسةٍ في صندوق بريدي .. أُحاول إختراع طريقةٍ تأخذني بعيداً عن هذا الوطن ، الذي كلما حاولتُ أن أسرق من حروفه ابتسامةً زرع على شفاهي ألفَ سببٍ للبُكاء … مُتعبة حد اللا وعي .. حد المُوت الذي يتربصُ بأبطال معركة الأمعاء الخاوية الموت الذي يَجعلني أقف بائِسةً في احتقارٍ تام لِكُلِ مَلذات الحياة ! حتى أنيّ في الآونةِ الأخيرة ، ما عُدتُ أشبهني كثيراً .. لستُ وحدي ، كثيرةٌ هي الأشياء التي باتت مُختلفة جداً عما كانت عليه .. بدأً من كُتبي و غرفتي الوردية و انتهاءاً بهذا الوطن الكبير حد الضيق و الاختناق ! **** أبصر من خلف النافذة لوحةً للربيع الذي لم يلبث في حيِّنا أكثر من المسافةِ الفاصلةِ بين البرق و الرعد ! و طيوراً فَقدت في ازدحام الحياة كثيراً من بهجتها .. و مبانٍ تشكو بضجر من حرارة هذا الصيف الذي أتانا على عجل ! و أُغنية قديمة تثيرُ في نفسي الشجن !”