“نحن على استعداد تام لتحمل نتائج عملنا أياً كانت، لا نلقي التبعة على غيرنا، و لا نتمسح بسوانا، و نحن نعلم أن ما عند الله خير و أبقى، و أن الفناء في الحق هو عين البقاء، و أنه لا دعوة بغير جهاد، و لا جهاد بغير اضطهاد، و عندئذ تدنو ساعة النصر و يحين وقت الفوز، و يحق قول الملك الحق المبين: (حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء و لا يرد بأسنا عن القوم المجرمين.)”
“لا تنم على غلّ و لا تصبحَ على شهوة و لا تسع إلى طمع و لا تسابق إلى سلطة و إنما اجعل همك و اهتمامك في الخير و البر و الحق و الصدق، و المروءة و المعونة قاصدا وجه ربك على الدوام”
“ليس الرأي عندي الجلاء عن الوطن، و لا يسعنا في حكمتنا إبقاء الملك دبشليم على ما هو عليه من سوء السيرة و قبح الطريقة، و لا يمكننا مجاهدته بغير ألسنتنا. ولو ذهبنا إلى أن نستعين بغيرنا لم تتهيأ لنا معاندته و إن أحس منـّا بمخالفته و إنكارنا سوء سيرته لكان في ذلك بوارنا.”
“إنه مشهد انتصار الحق و الإيمان في واقع الحياة المشهود، بعد انتصارهما في عالم الفكرة و العقيدة. فلقد مضى السياق بانتصار آية العصا على السحر؛ و انتصار العقيدة في قلوب السحرة على الاحتراف؛ و انتصار الإيمان في قلوبهم على الرغب و الرهب، و التهديد و الوعيد. فالآن ينتصر الحق على الباطل و الهدى على الضلال، و الإيمان على الطغيان في الواقع المشهود. و النصر الأخير مرتبط بالنصر الأول. فما يتحقق النصر في عالم الواقع إلا بعد تمامه في عالم الضمير؛ و ما يستعلي أصحاب الحق في الظاهر إلا بعد أن يستعلوا بالحق في الباطن.. إن للحق و الإيمان حقيقة متى تجسمت في المشاعر أخذت طريقها فاستعلنت ليراها الناس في صورتها الواقعية. فأما إذا ظل الإيمان مظهراً لم يتجسم في القلب، و الحق شعاراً لا ينبع من الضمير، فإن الطغيان و الباطل قد يغلبان، لأنهما يملكان قوة ماذية حقيقية لا مقابل لها و لا كفاء في مظهر الحق و الإيمان..يجب أن تتحقق حقيقة الإيمان في النفس و حقيقة الحق في القلب؛ فتصبحا أقوى من حقيقة القوى المادية التي يستعلي بها الباطل و يصول بها الطغيان..”
“و أوصى [الإسلامٍ] بالبر و الإحسان بين المواطنين و إن اختلفت عقائدهم و أديانهم: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم) الممتحنة. كما أوصى بإنصاف الذميين و حسن معاملتهم: (لهم ما لنا و عليهم ما علينا). نعلم كل هذا فلا ندعو إلا فرقة عنصرية، و لا إلى عصبية طائفية. و لكننا إلى جانب هذا لا نشتري هذه الوحدة بإيماننا و لا نساوم في سبيلها على عقيدتنا و لا نهدر من أجلها مصالح المسلمين، و إنما نشتريها بالحق و الإنصاف و العدالة و كفى.”
“و المؤمنون بالله لا يخالجهم الشك في صدق وعده؛ و في أصالة الحق في بناء الوجود و نظامه؛ و في نصرة الحق الذي يقذف به على الباطل فيدمغه.. فإذا ابتلاهم الله بغلبة الباطل حيناً من الدهر عرفوا أنها الفتنة؛ و أدركوا أنه الابتلاء؛ و أحسوا أن ربهم يربيهم، لأن فيهم ضعفاً أو نقصاً؛ و هو يريد أن يعدهم لاستقبال الحق المنتصر، و أن يجعلهم ستار القدرة، فيدعهم يجتازون فترة البلاء يستكملون فيها النقص و يعالجون فيها الضعف.. و كلما سارعوا إلى العلاج قصر الله عليهم فترة الابتلاء، و حقق على أيديهم ما يشاء. أما العاقبة فهي مقررة: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) و الله يفعل ما يريد.”