“ن القرآن الكريم أول كتاب فى الحياة ، وآخر كتاب فى الحياة، يشحن الأفئدة باليقين النقى ، ويوثق رباطها بالله ، على نحو لا يستطيع كتاب آخر أن يقترب من أفقه ..!”
“إن الخلق فى منابع الإسلام الأولى ـ من كتاب وسنة ـ هو الدين كله، وهو الدنيا كلها، فإن نقصت أمة حظا من رفعة فى صلتها بالله، أو فى مكانتها بين الناس فبقدر نقصان فضائلها وانهزام خلقها .”
“إن رسالة الإنسان فى هذه الحياة تتطلب مزيدا من الدرس والتمحيص. ووظيفته العتيدة فى ذلكم العالم الرحب يجب أن تحدد وتبرز حتى يؤديها ببصر ووفاء، وقوة ومضاء. إن بعض الناس جهل الحكمة العليا من وجوده، فعاش عاطلا فى زحام الحياة، وكان ينبغى أن يعمل ويكافح. أو عاش شاردا عن الجادة تائها عن الهدف، وكان ينبغى أن يشق طريقه على هدى مستقيم. والنظرة الأولى فى خلق آدم وبنيه كما ذكرها القرآن الكريم توضح كل شىء فى هذه الرسالة. لقد بدأ هذا الخلق من تراب الأرض وحدها، والبشر جميعا فى هذه المرحلة من وجودهم ليس لهم فضل يمتازون به، أو يعلى مكانتهم على غيرهم من الكائنات. كم تساوى حفنة من التراب؟ لا شىء.”
“على الدعاة أن يدرسوا كتاب الله وسنة رسوله ببصر مفتوح ٬ وأن يعرفوا علاقة النصوص بعضها ببعض..إن البناء الإسلامى شامخ ٬ ومن المضحك أن يجىء أحدهم بهيكل نافذة ليضعه فى فتحة باب أو ليضعه فى كوة جانبية.. لابد من فقه ٬ لابد منذوق ٬ وإلا حرفنا الكلام عن مواضعه وأسأنا قيادة المجتمع باسم الله”
“إن الغفلة عن القرآن الكريم والقصور فى إدراك معانيه القريبة أو الدقيقة عاهة نفسية وعقلية لا يداويها إدمان القراءة فى كتب السنة، فان السنة تجيء بعد القرآن، وحسن فقهها يجيىء من حسن الفقه فى الكتاب نفسه.”
“أن المنهج قائم، وهو الكتاب والسنة.. ويكاد يكون عدد كبير من الناس يرون أن الحل الأول والأخير تبعا لمالك فى كلمته، وهو حديث مشهور: 'تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله تعالى وسنتى.. ' المنهج من الكتاب والسنة، لكن هناك بعض الناس يأتى ويأخذ من صورة عاد: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين) ويعيب على الملوك فى عهده أنهم جبابرة ! من قصص القرآن آخذ الفكر العام: ألا يكون الحاكم جبارا، وألا تكون السلطة قاهرة بمثل تلك الطريقة.. وآخذ أيضا من قوله تعالى: ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) ضرورة أن الإسلام متكامل، لا يقوم بعضه فى غيبة بعضه الآخر، ولابد من هذا التماسك.. كلمة عمر رضى الله عنه عن حقوق الإنسان، والتى هى أول بند فى ميثاق الأمم المتحدة، لم يرتبها، ولم يجلس لصياغتها، وإنما استمدها من المناخ الذى وضعه فيه القرآن : (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)، ونتيجة لتجاوبه مع القرآن وفهمه له.. انطلاق أبى بكر لضرب الفرس والروم، انطلاق من أن سطوة الحق فى نفسه، دلته على أن الباطل لا يمكن أن يحكم بهذه الطريقة، وعرف رسالة الأمة العالمية، ومعنى أن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ رحمة للعالمين، أى أن يهدى هذه الشعوب التى حولهم، إلحاق الرحمة بها، وفك إسارها، وإخراجها من السجن الكبير الذى تعيش فيه.. المنهج هو المنهج.. القرآن هو القرآن لكن، إلى الآن، أين المتدبرون؟”
“وقد تحولت أمم عن أرضها مخافة الموت فهل نجت منه ؟ إنها هربت منه فى ميدان فوجدته ينتظرها فى ميدان آخر ، ولو صمدت له فى الميدان الأول لقلت مغارمها ومآسيها فى الميدان الآخر. وإلى هذا يشير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت.. ) هل نجوا من الموت بالخروج الذليل؟ كلا ، ' فقال لهم الله موتوا.. ' ثم أحيا الله بقاياهم بعدما تابوا وآمنوا وتشجعوا وكافحوا وبذلوا على نحو ما حكى القرآن الكريم..”