“ومنهجي هو الإعتماد على النص الصحيح في ثبوته الصريح في دلالته، وربطه بالواقع المعيش -الواقع الحقيقي لا المتوهم- دون إفتعال أو اعتساف، معتمدا أسلوب الموازنة والترجيح بالأدلة، رابطا النصوص الجزئية بالمقاصد الكلية للإسلام وشريعته.”
“إن تعدد الأحزاب في النظام الإسلامي أمر مشروع في إطار أصول الإسلام وأحكامه القطعية، وإن تعدد الأحزاب في السياسة أشبه بتعدد المذاهب في الفقه، وكذلك تعدد الجماعات والحركات العاملة للإسلام، ما دام تعددها تعدد تنوع وتخصص لا تعدد تضاد وتناقض، وتعدد تكامل وتعاون لا تعدد تنافر وتشاحن، وما دامت تقف صفا واحدا في القضايا المصيرية متناسية خلافاتها الجزئية، وما دام محورها جميعا القرآن والسنة، وهدفها نصرة الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا، وشعارها: نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.”
“التدرج في تطبيق الشريعة ليس معناه تعطيل الحكم بالشريعة أو تعليقه إلى أجل غير مسمى، بل معناه وضع خطة محكمة ذات مراحل محددة للانتقال بالمجتمع من العلمانية إلى الإسلام، على أن تـُعطى الأولوية للجوانب التربوية والإعلامية والثقافية التي تعمل متضامنة متكاملة من أجل بناء الإنسان الذي ينشده الإسلام، وتهيئة المناخ اللازم لتطبيق سائر شرائع الإسلام بنجاح وتوفيق، وفي مقدمة ذلك إزالة الحواجز أمام الدعاة الصادقين للإسلام - أفرادا وجماعات - وتوفير ضمانات الحرية الضرورية لهم ليقوموا بواجبهم في الدعوة والتوعية والتربية والتكوين، وهذه من ألزم الأولويات. التدرج المطلوب هو الذي يضع نصب عينيه الهدف، ويحتال جاهدا للوصول إليه، فلا يمر يوم - كما أشار عمر بن عبد العزيز - إلا وهو يميت بدعة من بدع الجاهلية، ويحيي سنة من سنن الإسلام.”
“إن كثيرا من المشايخ أو العلماء يعيشون في الكتب ولا يعيشون في الواقع، بل هم غائبون عن فقه الواقع، أو قل: فقه الواقع غائب عنهم، لأنهم لم يقرؤوا كتاب الحياة كما قرؤوا كتب الأقدمين. ولهذا تأتي فتواهم وكأنها خارجة من المقابر!”
“إن طبيعة الإسلام أن يكون قائدا لا مقودا، وسيدا لا مسودا، لأنه كلمة الله، وكلمة الله هي العليا، ولهذا فهو يعلو ولا يُعلى. والعلمانية تريد من الإسلام أن يكون تابعا لها، يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها، لا أن يأخذ موقعه الطبيعي والمنطقي التاريخي آمرا ناهيا حاكما هاديا. إنها تباركه وترضى عنه إذا بقى محصورا في الموالد والمآتم، في دنيا الدراويش والمجاذيب، في عالم الخرافة والأساطير. أما أن يتحرك ويُحرك ويوجه الشباب ويقود الجماهير ويفجر الطاقات ويضيء العقول ويلهب المشاعر ويصنع الأبطال ويربي الرجال ويضبط مسيرة المجتمع بالحق ويقيم بين الناس الموازين القسط ويوجه التشريع والثقافة والتربية والإعلام ويُعلِّم الناس أن يدعوا إلى الخير ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ويقاوموا الفساد والانحراف، فهذا ما لا ترضى عنه العلمانية بحال. تريد العلمانية من الإسلام أن يقنع بركن أو زاوية له في بعض جوانب الحياة، لا يتجاوزها ولا يتعداها، وهذا تفضل منها عليه، لأن الأصل أن تكون الحياة كلها لها بلا مزاحم أو شريك! فعلى الإسلام أن يقنع "بالحديث الديني" في الإذاعة أو التلفاز و"بالصفحة الدينية" في الصحيفة يوم الجمعة و"بحصة التربية الدينية" في برامج التعليم العام و"بقانون الأحوال الشخصية" في قوانين الدولة و"بالمسجد" في مؤسسات المجتمع و"بوزارة الأوقاف" في أجهزة الحكومة!”
“والإسلام يقيم الموازين القسط بين الفرد والمجتمع، فلا يعطي الفرد من الحقوق والحريات حتى يتضخم على حساب مصلحة المجموع كما فعلت الرأسمالية، ولا يعطي المجتمع من الصلاحيات والسلطات ما يجعله يطغى ويضغط على الفرد حتى يضمر وينكمش وتذبل حوافزه ومواهبه كما فعلت الشيوعية والاشتراكيات المتطرفة. وبهذا يحافظ الإسلام على حرية الوطن كما يرعى حرية المواطن. وهي حرية الفكر لا حرية الكفر، وحرية الضمير لا حرية الشهوة، وحرية الرأي لا حرية التشهير، وحرية الحقوق لا حرية الفسوق.”