“و عندما تحس و أنت تقرأ بمثل حركة الرادار، فقف..إن عقلك قد وجد نفسه هنا.. و إنك الآن أمام كلمة أو عبارة تحمل لك فيضاً من الأسرار و الأفكار، إذا أنت تدبرتها و نحيّت الكتاب جانباً لتتأمل هذه العبارة التي اهتز لها وجدانك ، واختلج عقلك..لا تهمل هذه الومضات التي تواتيك و أنت تقرأ .. فإنها مفاتيح كنوز جليلة..عندما تبلغ عبارة تمس روحك مس الكهرباء ، و تحس فيها شيئاً يستوقفك و يبهرك، فنح الكتاب قليلاً ، و أصغ لما توحيه إليك، و فكر فيها. ستفتح بصيرتك إلى عالم من الأفكار جديد..و هذه مزية القراءة.فنحن لا نقرأ لنزيد معلوماتنا، و ننمي معارفنا فحسب، بل نقرأ لأن القراءة تلهمنا، و تطل بنا إلى أفكار عذراء تنتظرنا لنكشفها و نضيفها إلى تراث الفكر الإنساني.”
“إن شر ألوان الخوف، هو الخوف من أنفسناإنك قد تخاف "شبحا". و لكن خوفك سينتهى باكتشاف حقيقتهو قد تخاف "ظالما" و لكن خوفك سينتهى بانتهاء ظلمهو قد تخاف فقرا، أو مرضا، أو كربا و لكن خوفك سينتهى بمجاوزة الفقر إلى الغنى، و المرض إلى العافيه، و الكرب إلى الفرجأما حين تخاف نفسك .. فإنك تصاب بشر ما يمزقك لماذا ..؟؟لأن نفسك لا تفارقك أبدا، و لو غادرت الأرض إلى السماء، و إذا فستظل مخاوفك معك، تحيط بك، و تملى لك، و تفقدك سكينه نفسك، و تتبر وجودك تتبيرا و خوف النفس ينميه الفهم المغلوط لطبيعتها و المبالغة فى تجسيم أخطائها عندئذ يلفح الضمير نوع ردئ قاس من الشعور الحاد بالإثم، يشطر الذات الواحدة شطريين، و يقسمها إلى معسكريين ..و يشعل فى الشخص الواحد المنقسم على ذاته "حربا أهليه" مضنيه”
“إنه يبرأ إلى الله من حوله و من قوته.. و إنه في ضياء إخلاصه العامر ليهرب من قدرته إلى قدرة الله, و من إختياره إلى اختيار الله, و من رأيه إلى توفيق الله”
“و نلتقي به, و قد قامت فرقة من الخوارج هم "حرورية الموصل" يسيحون في البلاد ناشرين أراءهم و أفكارهم.. و يكتب إليه حاكم الموصل, يستأذنه في قمعهم و اسكاتهم.يجيبه أمير المؤمنين و يقول:إذا رأوا أن يسيحوا في البلاد في غير أذى لأهل الذمه.. و في غير أذى للأمه, فليذهبوا حيث شاؤوا.. و إن نالوا أحداً من المسلمين, أو من أهل الذمه بسوء فحاكمهم إلى الله.بالله ما أعدله, و ما أروعهإنه لا يرى لنفسه حقاً -أي حق- في الحجر على آراء الأخرين و لا في الوصايه عليهم”
“و امير المؤمنين -عمر- لا يدرك عظمة الشورى و قيمتها إدارك حاكم عادل صالح فحسب... بل إنه ليدرك كذلك جوهرها إدراك فيلسوف. فهو لا يرى فيها مجرد تنظيم عادل لعلاقة السلطه بالأمه , و تبادل المسئوليه تجاه الدوله و المجتمع... بل يمضي في اتجاه التحليل النهائي لجوهرها و وظيفتها, ليرى ذلك متمثلاً في ظفر كل فرد بحقه في اختيار اقتناعه.. و حق هذا الإقتناع في التعبير عن نفسه, في غير زيف و لا غموض.ذلك أن الناس حين يزيفون اقتناعهم بسبب رغبه أو رهبه, فإنه يستحيل في الوقت نفسه و للسبب نفسه معرفة آرائهم”
“و عندي أن الذين يرون فى "أبي بكر و عمر" مستبدين عادلين إنما يجانبون الصواب. أولاً: لان ابا بكر و عمر لم يكونا مستبدين لحظة من نهار. ثانياً: لانه ليس فى طول الدنيا و لا عرضها شئ اسمه "مستبد عادل". و لو التقت كل اضداد الحياة و متناقضاتها فسيظل الاستبداد و العدل ضدين لا يجتمعان، و نقيضين لا يلتقيان .. و إن أحدهما ليختفي فور ظهور الاخر ، لان ابسط مظاهر العدل و مطالبة أن يأخذ كل ذى حق حقة ، و اذا كان من حق الناس - و هذا مقرر بداهة - أن يشاركوا في اختيار حياتهم و تقرير مصائرهم ؛ فإن ذلك يقتضي فى اللحظة نفسها ، وللسبب نفسة - اختفاء الاستبداد. و لقد كان أبو بكر و عمر على بصيره من هذا ..”
“الكتابة على الجدار تتغير بلا توقف .. مثلا هذه المرة كان هناك علم مصر, و عبارة "الجيش و الشعب إيد واحدة" و هي التي ستتحول بعد أشهر إلى "يسقط يسقط حكم العسكر" و ربما تصير "يسقط حكم الإخوان" بعد فترة.”