“إننا عندما ننظر إلى الأشياء و الحوادث و علاقتنا بها ندرك و نرى بيقين أننا لا نستطيع حمل قشه صغيره ما لم يشأ الله سبحانه ذلك. بل يحدث بعض الأحيان أننا بعد أن نهيئ المقدمات جميعاً و نفكر بالمسأله بأوجهها كافة, و نخطط وفق ذلك حتى نعتقد أننا استكملنا الشروط كافة, و إذا بنا نشاهد أن الأمر قد انقلب على عقبيه بإحتمال لا يخطر على بال. بمعنى أن لو كانت محسوباً حسابها جميعاً و لكن المشيئه الإلهيه لم تتعلق بها, أي إن لم يشأ سبحانه تحقق ذلك الشيء بالشكل الذي نريده, لا يتحقق قطعاً حتى لو استكملت الشروط الظاهره. و هكذا تذهب خططنا أدراج الرياح. فالآيه الكريمه تعلمنا ذلك: "و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله" (الإنسان:30) أي إن إرادته سبحانه نافذه حتى لو بذلتم كل البذل و أردتم بكل إرادتكم, فكل ذلك لا يعني شيئاً إن لم يرده هو سبحانه, فالجهود تذهب هباء, إن لم تتعلق الإرداه الإلهيه بذلك الشيء و لكن كثيراً ما يلطف بنا سبحانه فيقبل الأسباب -هكذا تجري العاده الإلهيه- و إرادة الإنسان بمثابة دعاء. و كهذا المشيئه الإلهيه تتعلق بكل شيئ و بكل أجزاء الحوادث, فهي مندمجه معها إندماجاً كلياً”
“إن ما أعطي للإنسان من أمانة "النفس" أو "أنا" فإنما أعطيت له لمعرفة الخالق جل جلاله و الإعتراف به, و في الحقيقة ان غاية وجوده في هذه المعرفه و الإعتراف, لذا فإن الإنسان يدل بوجوده هو على وجود الله -سبحانه و تعالي- و بصفاته الجزئيه على ثروته -جل جلاله- و غناه المطلق و بعجزه و فقره على قدرته -سبحانه و تعالى- و إحسانه.”
“في الحقيقه ان الإدعاء بأننا يمكننا أن ندرك كل شيء خطأ جسيم.حيث إننا أدركنا في الوقت الحاضر أن ما نعلمه و ندركه من الأمور ليس إلا بعضاً يسيراً, و يمكن أن نبصر بالمقدار نفسه أيضاً. و هذا يعني أن العالم الذي ندركه و نشاهده لا يُعدُ شيئاً بالنسبه لما لا ندرك و لا نبصر.”
“فالصلاة، كانت و لا تزال حتى بالنسبة إلى كثير من المصلين و المتمسكين بها، مجرد "فرض"؛ علينا أن نؤديه لأننا مأمورون بذلك، و هي دليل على طاعتنا له عز و جل، كما لو أنه جل و علا سيأمرنا بشيء لمجرد أن يرى امتثالنا له - دون أن يكون لذلك الأمر معنى، سبحانه و تعالى عن ذلك علواً كبيراً، هو العليم الحكيم..”
“يتحكم في البشر سلطان النسق الثقافي، و يدير رؤيتهم الظرفية و الذهنية، و لن يتغير النسق و إن غيّرَ صيغهُ و ألاعيبه، و هو و إن دفعناً أولاً إلى استنكار الوسيلة و ما هو غريب علينا و أدى بنا إلى تحريمها فإنهُ تحت الضاغط الظرفي سيساعدنا على التسليم و لكننا سنجد أنفسنا أننا و إن قبلنا الوسيلة الحديثة و لم نعُد نحرمها إلا أننا سنستخدمها بأسلوب لا يُحررنا من نسقيتنا ...”
“و لكن أهم برهان على البعث في نظري هو ذلك الإحساس الباطني العميق الفطري الذي نولد به جميعاً و نتصرف على أساسه . إن هناك نظاماًَ محكماً و قانوناً عادلاً .و نحن نطالب أنفسنا و نطالب غيرنا فطريّاً و غريزيّاً بهذا العدل .و تحترق صدورنا إذا لم يتحقق العدل .و نحارب لنرسي دعائم ذلك العدل .و هذا يعني أنه سوف يتحقق بصورة ما لا شك فيها .. لأنه حقيقة مطلقة فرضت نفسها على عقولنا و ضمائرنا طول الوقت .و إذا كنا نرى ذلك العدل يتحقق في دنيانا فلأننا لا نرى كل الصورة و لأن دنيانا الظاهرة ليست هي كل الحقيقة .”
“و صاحب الدعوة لا يمكن أن يستمد السلطان إلا من الله. و لا يمكن أن يهاب إلا بسلطان الله. لا يمكن أن يستظل بحاكم أو ذي جاه فينصره و يمنعه ما لم يكن اتجاهه قبل ذلك إلى الله. و الدعوة قد تغزو قلوب ذوي السلطان و الجاه، فيصبحون لها جنداً و خدماً فيفلحون، و لكنها هي لا تفلح إن كانت من جند السلطان و خدمه، فهي من أمر الله، و هي أعلى من ذوي السلطان و الجاه. ”