“و إذا تتلى عليهم آياتنا بينات. قال الذين كفروا للذين آمنوا: أي الفريقين خير مقاماً و أحسن نديا؟"..إنها النوادي الفخمة و المجامع المترفة؛ و القيم التي يتعامل بها الكبراء و المترفون في عصور الفساد. و إلى جانبها تلك المجتمعات المتواضعة المظهر و المنتديات الفقيرة إلا من الإيمان. لا أبهة و لا زينة، و لا زخرف، و لا فخامة.. هذه و تلك تتقابلان في هذه الأرض و تجتمعان!و تقف الأولى بمغرياتها الفخمة الضخمة: تقف بمالها و جمالها. بسلطانها و جاهها. بالمصالح تحققها، و المغانم توفرها، وباللذائذ و المتاع. و تقف الثانية بمظهرها الفير المتواضع، تهزأ بالمال و المتاع، و تسخر من الجاه و السلطان؛ و تدعو الناس إليها، لا باسم لذع تحققها، و لا مصلحة توفرها، و لا قربى من حاكم و لا اعتزاز بذي سلطان. و لكن باسم العقيدة تقدمها إليهم و معها المشقة و الجهد و الجهاد و الاستهتار، لا تملك أن تأجرهم على ذلك كله شيئاً في هذه الأرض، إنما هو القرب من الله، و جزاؤه الأوفى يوم الحساب.”

سيد قطب

Explore This Quote Further

Quote by سيد قطب: “و إذا تتلى عليهم آياتنا بينات. قال الذين كفروا ل… - Image 1

Similar quotes

“(إن الباطل كان زهوقا).. لأنه لا يحمل عناصر البقاء في ذاته، إنما يستمد حياته الموقوته من عوامل خارجية و أسناد غير طبيعية؛ فإذا تخلخلت تلك العوامل، و وهت هذه الأسناد تهاوى و انهار. فأما الحق فمن ذاته يستمد عناصر وجوده. و قد تقف ضده الأهواء و تقف ضده الظروف و يقف ضده السلطان.. و لكن ثباته و اطمئنانه يجعل له العقبى و يكفل له البقاء، لأنه من عند الله الذي جعل (الحق) من أسمائه و هو الحي الباقي الذي لا يزول.(إن الباطل كان زهوقا).. و من ورائه الشيطان، و من ورائه السلطان. و لكن وعد الله أصدق، و سلطان الله أقوى. و ما من مؤمن ذاق طعم الإيمان، إلا و ذاق معه حلاوة الوعد، و صدق العهد. و من أوفى بعهده من الله؟ و من أصدق من الله حديثاً؟”


“(فاعبده و اصطبر لعبادته).. اعبده و اصطبر على تكاليف العبادة. و هي تكاليف الارتقاء إلى أفق المثول بين يدي المعبود، و الثبات في هذا المرتقى العالي. اعبده و احشد نفسك و عبئ طاقتك للقاء و التلقي في ذلك الأفق العلوي.. إنها مشقة. مشقة التجمع والاحتشاد و التجرد من كل شاغل، و من كل هاتف و من كل التفات.. و إنها مع المشقة للذة لا يعرفها إلا من ذاق. و لكنها لا تنال إلا بتلك المشقة، و إلا بالتجرد لها، و الاستغراق فيها، و التحفز لها بكل جارحة و خالجة. فهي لا تفشي سرها و لا تمنح عطرها إلا لمن يتجرد لها، و يفتح منافذ حسه و قلبه جميعاً.)فاعبده و اصطبر لعبادته).. و العبادة في الإسلام ليست مجرد الشعائر. إنما هي كل نشاط: كل حركة. كل خالجة. كل نية. كل اتجاه. و إنها لمشقة أن يتجه الإنسان في هذا كله إلى الله وحده دون سواه. مشقة تحتاج إلى الاصطبار. ليتوجه القلب في كل نشاط من نشاط الأرض إلى السماء. خالصاً من أوشاب الأرض و أوهاق الضرورات، و شهوات النفس، و مواضعات الحياة.إنه منهج حياة كامل، يعيش الإنسان وفقه، و هو يستشعر في كل صغيرة و كبيرة طوال الحياة أنه يتعبد الله؛ فيرتفع في نشاطه كله إلى أفق العبادة الطاهر الوضيء. و إنه لمنهج يحتاج إلى الصبر و الجهد و المعاناة.”


“و صاحب الدعوة لا يمكن أن يستمد السلطان إلا من الله. و لا يمكن أن يهاب إلا بسلطان الله. لا يمكن أن يستظل بحاكم أو ذي جاه فينصره و يمنعه ما لم يكن اتجاهه قبل ذلك إلى الله. و الدعوة قد تغزو قلوب ذوي السلطان و الجاه، فيصبحون لها جنداً و خدماً فيفلحون، و لكنها هي لا تفلح إن كانت من جند السلطان و خدمه، فهي من أمر الله، و هي أعلى من ذوي السلطان و الجاه. ”


“و الإشارة (للعابدين) بمناسبة بالبلاء إشارة لها مغزاها. فالعابدون معرضون للابتلاء و البلاء. و تلك تكاليف العبادة و تكاليف العقيدة و تكاليف الإيمان. و الأمر جد لا لعب. و العقيدة أمانة لا تسلم إلا للأمناء القادرين عليها، المستعدين لتكاليفها و ليست كلمة تقولها الشفاه، و لا دعوى يدعيها من يشاء. و لا بد من الصبر ليجتاز العابدون البلاء..”


“قالوا: وجدنا آباءنا لها عابدين"!و هو جواب يدل على التحجر العقلي و النفسي داخل قوالب التقليد الميتة، في مقابل حرية الإيمان، و انطلاقه للنظر و التدبر، و تقويم الأشياء و الأوضاع بقيمها الحقيقية لا التقليدية. فالإيمان بالله طلاقة و تحرر من القداسات الوهمية التقليدية، و الوراثات المتحجرة التي لا تقوم على دليل."قال: لقد كنتم أنتم و آباؤكم في ضلال مبين"..و ما كانت عبادة الآباء لتكسب هذه التماثيل قيمة ليست لها، و لا لتخلع عليها قداسة لا تستحقها. فالقيم لا تنبع من تقليد الآباء و تقديسهم، إنما تنبع من التقويم المتحرر الطليق.”


“إنه منطق الأرض. منطق المحجوبين عن الآفاق العليا في كل زمان و مكان. و إنها لحكمة الله أن تقف العقيدة مجردة من الزينة و الطلاء، عاطلة من عوامل الإغراء. ليقبل عليها من يريدها لذاتها خالصة لله من دون الناس، و من دون ما تواضعوا عليه من قيم و مغريات؛ و ينصرف عنها من يبتغي المطامع و المنافع، و من يشتهي الزينة و الزخرف، و من يطلب المال و المتاع.”