“إن الجمهور يشرد باستمرار على حدود اللاشعور ويتلقى بطيبة خاطر كل الاقتراحات والأوامر. كما أنه مليء بالمشاعر الخاصة بالكائنات غير القادرة على الاحتكام للعقل ومحروم من كل روح نقدية.وبالتالي فهو لا يستطيع إلا أن يبدي سذاجة وسرعة تصديق منقطعة النظير. والمستحيل غير موجود بالنسبة له, وينبغي التذكير بذلك من أجل أن نفهم كيف تخلق الأساطير والحكايات الأكثر غرابة وشذوذا, وكيف تشيع وتنتشر بسهولة.”
“إن الخيال الخاص بالجماهير كخيال كل الكائنات التي لا تفكر عقلانيا, مهيأ لأن يتعرض للتأثير العميق. فالصور التي تثيرها في نفوسهم شخصية ما أو حدث ما أو حادث ما لها نفس حيوية وقوة الأشياء الواقعية ذاتها. فالجماهير تشبه النائم إلى حد ما الذي يتعطل عقله مؤقتا ويترك نفسه عرضة لانبثاق صورة قوية ومكثفة جدا, ولكنها سرعان ما تتبخر على محك التفكير. ولما كانت الجماهير غير قادرة لا على التفكير ولا على الماحكمة العقلية فإنها لا تعرف معنى المستحيل أو المستبعد الحدوث. ونحن نعلم أن الأشياء الأكثر أستحالة هي عادة الأكثر إدهاشا.”
“لقد اعتبر رجالات الدولة الكبار في كل العصور وفي كل البلدان بما فيها الأكثر استبدادا قد اعتبروا الخيال الشعبي بمثابة أكبر دعم لسلطتهم.فهم لم يحاولوا أبدا أن يحكموا ضده.”
“الشيء المُؤكد يتوصل عن طريق التكرار إلى الرسوخ في النفوس إلى درجة أنه يُقبل كحقيقة برهانية.”
“فالجماهير لم تكن في حياتها أبدا ظمأى للحقيقة. وأمام الحقائق التي تزعجهم فإنهم يحولون أنظارهم باتجاه آخر، ويفضلون تأليه الخطأ، إذا ما جذبهم الخطأ. فمن يعرف إيهامهم يصبح سيدا لهم، ومن يحاول قشع الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية لهم”
“ويمكن للقائد المحرك أن يكون أحيانا ذكيا ومثقفا. ولكن ذلك يضره أكثر مما ينفعه. إن الذكاء إذ يبين تعقد الأشياء ويتيح تفسيرها وشرحها يجعل المرء أكثر تسامحا ويُضعف بالتالي إلى حد بعيد من حدة القناعات وعنفها.وهذه القناعات ضرورية للرسل والمبشرين كما هو معروف. إن القادة المحركين في كل العصور, وخصوصا أولئك الذين برزوا أثناء الثورة الفرنسية, كانوا محدودي العقل جدا, ومع ذلك فقد مارسوا تأثيرا كبيرا.”