“و أجاب النبي السائلين – كما هي عادته في القضايا التي لا تتناول مسائل الاعتقاد – إجابات مختلفة دارت حول نصوصها مناقشات كثيرة أوقعت بعض الناس في لبس شديد. و في تنوّع أجوبته راعى عليه السلام الأشخاص و ساير البيئات، و وضع الأصول و لاحظ الضرورات، و قرر المبادئ و أوضح الاستثناءات، فحملنا بذلك على أن نستنتج استحالة اعطاء رأي حاسم في الموضوع، و على أن نعتقد أن لا خير في محاولة القطع فيه، و على أن نرجح أن ما يصلح لفرد ربما لا يصلح لآخر، و أن ما يطبّق في إقليم يتعذر تطبيقه في آخر، و أن ما يسوغ في وقت الحرب مثلاً لا مسوّغ لمثله في وقت السلام.”
“يسهل علي كل صاحب دعوي أن يتاجر و أن يزايد في أي موضوع إسلامي و لكن يستحيل عليه أن يتاجر في محمد عليه الصلاة و السلام و لا أن يزايد عليه و لا أن يساوم في سنته و محمد عليه الصلاة و السلام و الصفوة من أولي الألباب من صحابته كانوا مثالاً في حب العلم و في استزادة منه و كانوا أهل تفكر لا أهل تعصب د.مصطفي محمود يوجه سهام النقد للمتشددين و المتعصبين الذين لم يأخذوا عن النبي سوي اللحية و الجلباب في كتابه "السؤال الحائر”
“هذا خطأ شائع نقع فيه جميعاً, فالظاهر أن من الصعب على ذهن المرء أن يميز بين جوانب الإنسان المتعددة, و أن من الأسهل بكثير أن يحكم على الشخص ككل, حُكما واحدا جاهزا, لا يميز بين جانب من فكر هذا الشخص و جانب آخر. و لعلّ هذا الميل الشئع لدينا في المحكم على الناس, هو الذي جعلنا نتراوح بين الحب الشديد لشخص ما في وقت من الأوقات, و السخط الشديد عليه في وقت آخر, بين التقدير البالغ لشخص, و احتقاره احتقاراً تاماً.”
“لذلك أوصي كل قارئ لهذه الفصول أن يتخذ له دفترا , يدون فيه كل عشية ما رأى في يومه , لا أن يتكب ماذا طبخ و ماذا أكل , و لا كم ربح و كم أنفق , فما أريد قائمة مطعم , و لا حساب مصرف . بل أريد أن يسجل ما خطر على باله من أفكار , و ما اعتلج في نفسه من عواطف , و أثر ما رأى و سمع في نفسه , لا ليطبعها و ينشرها , فما كل الناس من أهل الادب و النشر , و لكن ليجد فيها يوما نفسه التي فقدها ..”
“سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام كان يصلي أحياناً فيأتي حفدته الصغار فيمتطون ظهره و هو راكع فيطيل هو في ركوعه لتطول متعة أولئك الصغار الأبرياء و لم يقل أحد كيف يفعل النبي ذلك و هو في صلاته في حضرة الله تعالي ? أليس في ذلك ما يمس واجب التبجيل و التوقير للخالق !و هم لا يعلمون أن الله في علاه و عظمته ليس في حاجة إلي تبجيل و تقدير إذا كان فيما حدث متعة بريئة لأطفال أبرياء …و ما أورده الترمذي من أن عمرو بن العاص دخل ذات يوم المسجد و صلي جنب فذهب الناس إلي النبي الكريم و أخبروه بذلك فسأله النبي .. فقال عمرو بن العاص لرسول الله : إن اليوم كان شديد البرد و ما كان يحتمل الاغتسال في ذلك البرد. فابتسم النبي و تركه و انصرف.”
“ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك و لا تطاولا على أمرك و إنما ضعفا و قصورا حينما غلبني ترابي و غلبتني طينتي و غشيتني ظلمتي.إنما أتيت ما سبق في علمك و ما سطرته في كتابك و ما قضى به عدلك.رب لا أشكو و لكن أرجو.أرجو رحمتك التي وسعت كل شيء أن تسعني.أنت الذي وسع كرسيك السماوات و الأرض.”