“وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمة . وقبل أن تعظني نفسي كنت أظل مرتابا في قيمة أعمال وقدرها حتى تنبعث إليها الأيام بمن يقرظها أو يهجوها . أما الآن فقد عرفت أن الأشجار تزهر في الربيع وتثمر في الصيف ولا مطمع لها بالثناء . وتنثر أوراقها في الخريف وتتعرى في الشتاء ولا تخشى الملامة”
“وعظتني نفسي فعلمتني أن أقول : (لبيك) عندما يناديني المجهول والخطر . وقبل أن تعظني نفسي كنت لا أنهض إلا لصوت مناد عرفته , ولا أسير إلا على سبل خبرتها فاستهونتها . أما الآن فقد أصبح المعلوم مطية أركبها نحو المجهول , والهسل سلّما أتسلق درجاته لأبلغ الخطر”
“وعظتني نفسي فعلمتني حبّ ما يمقته الناس , ومصافاة من يضاغنونه , وأبانت لي أن الحب ليس بميزة في المحبّ بل في المحبوب . وقبل أن تعظني نفسي كان الحب بي خيطا دقيقا مشدودا بين وتدين متقاربين , أما الآن فقد تحول إلى هالة أولها آخرها وآخرها أولها تحيط بكل كائن وتتوسع ببطء لتضم كل ما سيكون”
“علمونا أن مناخ جمهورية مصر العربية حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء ، لكنه الآن لم يعد لا هذا ، ولا ذاك ، ففصل الصيف صار أغلب شهور السنة لا تحس الربيع ، والخريف قط ، أما الشتاء فصار بردا قارصا كما لو كنا في أوروبا”
“نحن فصول السنة الأربعة نزهر في الربيع وننضج في الصيف ونلملم أنفسنا في الخريف استعدادا لزمهرير الشتاء”
“عندما كنت شجرة في الغاب كنت أزهر في الربيع، وأثمر في الصيف. ولما صرت بشراً بين البشر فلا أجد من يفرح لفرحي ويبتهج لبهجتي أو يغنّي لي، على أنني أفضّل أن أكون بشراً من أن أكون شجراً… عندما كنت شجرة في الغاب كنت أزهر في الربيع، وأثمر في الصيف. ولما صرت بشراً بين البشر فلا أجد من يفرح لفرحي ويبتهج لبهجتي أو يغنّي لي، على أنني أفضّل أن أكون بشراً من أن أكون شجراً…”