“و حينما نعيش حياتنا لا نضع اعتبار ا للموت و نتصرف في كل لحظة دون أننحسب حساب ا للموت .. و ننظر إلى الموت كأنه اللامعقول .. فنحن فيالواقع نفكر و نتصرف بهذه الأنا العميقة التي هي الروح و التي لا تعرفالموت بطبيعتها .”
“.. و يوم يسقط الجسدتراب ا سوف يظل هو على حاله ح ي ا حياته الخاصة غير الزمنية .. و لا نجدلهذا الجزء اسم ا غير الاسم الذي أطلقته الأديان و هو الروح”
“و الصلاة لا يكفي فيها خشوع النفس و إنما لا بد أن يعبر الجسد عنالخشوع هو الآخر و في ذات الوقت بالركوع و السجود ..و الصلاة الإسلامية هي رمز لهذه الوحدة التي لا تتجزأ بين الروح والجسد ..الروح تخشع و اللسان يسبح و الجسد يركع .”
“العقل معذور في إسرافه إذيرى نفسه واقف ا على هرم هائل من المنجزات و إذ يرى نفسه مانح اللحضارة بما فيها من صناعة و كهرباء و صواريخ و طائرات و غواصات و إذيرى نفسه قد اقتحم البر و البحر و الجو و الماء و ما تحت الماء .. فتصورنفسه القادر على كل شيء و زج نفسه في كل شيء و أقام نفسهحاكم ا على ما يعلم و ما لا يعلم .”
“و الكون ك له جدول من القوانين المنضبطة الصريحة التي لا غش فيها و لاخداع .سوف يرتفع صوت ليقول : و ما رأيك فيما نحن فيه من الغش و الخداع والحروب و المظالم و قتل بعضنا البعض بغي ا و عدوان ا .. أين النظام هنا ؟ وسوف أقول له : هذا شيء آخر .. فإن ما يحدث بيننا نحن دولة بني آدميحدث لأن الله أخلفنا في الأرض و أقامنا ملوك ا نحكم و أعطانا الحرية .. وعرض علينا الأمانة فقبلناها .و كان معنى إعطائنا الحرية أن تصبح لنا إمكانية الخطأ و الصواب .و كان كل ما نرى حولنا في دنيانا البشرية هو نتيجة هذه الحرية التيأسأنا استعمالها .”
“و ربما كانت أشيع خطايانا هي الجزافية في التعبير .. الجزافية في التعبير عن الحب .. و المبالغة في كلمات الإعجاب .. و الإسهال في لغة الصداقة .. و الغِلظة في الخصومة .. و الحِدّة في الإدانة .. و التَرَخُص في الإتهام .. و التجاوز في التجريح .. و كلها كلمات نطلقها بلا تَحَسُب فتتحول بعد خروجها إلى طاقة مجنونة لا سلطان لنا عليها ..فتُدمي قلوباً .. و تَفصِم روابط .. و تُزلزِل نفوساً ..و ينكر الأخ أخاه .. و الحبيب حبيبه ..و لا يعود كل منا هو هو ..و ننظر إلى بعضنا البعض كأننا غرباء افتقدوا الألفة .و إذا بصديق الأمس " الإنسان النادر " قد أصبح خصيم اليوم .. " الإنسان الرخيص " المهلهل السيرة .. لمجرد تباديل و توافيق في لعبة الكلمات ، و تباديل و توافيق في الأشخاص ..و بلا حُجة سِوَى حُجة القلوب التي تتقلب مع هَوى اللحظات .و يهمس الواحد في نفسه .. لا أصدق أنها هي هي التي تتكلم .. مستحيل .. هذه امرأة لا أعرفها تكلم رجلاً آخر لا أعرفه .و كان أكثر احتراماً لنا أن نراقب أنفسنا في الكلمة التي نطلقها حتى لا تستهوينا لذة العبارة .. و حتى لا يسرقنا سِحر الألفاظ فنتبادل حُباً هو عداوة .. و نزاول عداوة هي حب .. و نغرق في كلمات هي تَرف ..و يلوذ الواحد منا بالآخر فيطمئن إليه و هو لواذ القلق بالقلق ..و لكن خيمة الألفاظ الحانية هي التي نشرت هذا العطر الخادع المخدر للحواس فأوحت للإثنين بأن كلاً منهما قد وجد السكن .. و ما هو بسكَن ..و إنما هو مجرد محطة استراحة من لهاث الحياة العقيم .”
“اللحظة الصادقة هى لحظة الخلوة مع النفس حينما يبدأ ذلك الحديث السرى,ذلك الحوار الداخلى,تلك المكالمة الإنفرادية حيث يصغى الواحد إلى نفسه دون أن يخشى أذناً أخرى تتلصص على الخط.ذلك الإفضاء و الإفشاء و الاعتراف و الطرح الصريح من الأعماق إلى سطح الوعى فى محاولة مخلصة للفهم,و هى لحظة من أثمن اللحظات.إن الحياة تتوقف فى تلك اللحظة لتبوح بحكمتها و الزمن يتوقف ليعطى ذلك الشعور المديد بالحضور حيث نحن فى حضرة الحق,و حيث لا يجوز الكذب و الخداع و التزييف,كما لا يجوز لحظة الموت و لحظة الحشرجة.و قد تأتى تلك اللحظة فى العمر مرة فتكون قيمتها بالعمر كله.أما إذا تأخرت و لم تأت إلا ساعة الموت,فقد ضاع العمر دون معنى و دون حكمة و أكلته الأكاذيب,و جاءت الصحوة بعد فوات الأوان.”