“إن عوام الناس عندما يجرمون قد يفلتون بجرائمهم في الدنيا ليحاسبوا عنها في الآخرة. أما قادة الشعوب عندما يجرمون - ولنتذكر مصائر نيرون وهتلر وموسوليني وسوموزا وغيرهم - فإنهم - وحساب الآخرة يترصدهم - لا يفلتون بجرائمهم في الدنيا أبدا سواء وهم أحياء أو بعد موتهم. وأقل وأمرّ صنوف العقاب هي اللعنة.. والمسخرة!”
“أوقن في قرارة نفسي أنني ابن موت. واحد من بشر قصار العمر يحيون في العالم الثالث المكروب، في الجنوب المتهالك، حيث القاعدة هي الشقاء و الموت المبكر، أما الاستثناء فأن يَسْعَد بعض الناس و يُعمرون”
“هتفتُ: "يا الله!" وأنا أقف - بعد أن عبرت البهو وانعطفت إلى المدخل - في مواجهة تاج محل. إنه شيء آخر، مختلف تماما عن كل الصور التي رأيتها، برغم جودة معظمها الفائقة. إنه إحدى عجائب الدنيا السبع بحق، والأعجوبة فيه لا تكمن في دقة معماره وكمال تناسب أجزائه والصفاء المطلق لبياضه المقدود من المرمر الخالص. لا، الأعجوبة في الإحساس به عند مشاهدته، فقد أحسست حياله وكأنني في حلم، وكان لديّ هاجس خافق بأن هذا المبنى البديع الضخم خفيف ومسحور إلى درجة أنه يوشك على الارتفاع والطيران والاختفاء في صفاء زرقة السماء أو التلاشي في بياض السحب.”
“ولا أجد شعورا يقارب شعوري في ذلك إلا ما أتصوره عن مشاعر "السندباد البحري" في إحدى حكابات ألف ليلة عندما تحطمت سفينته في عرض البحر و سبح إلى جزيرة رائعة تراءت له، و بعد أن عاش هنيئا بين ربوعها بدأت في التحرك و راحت تغرق، إذ كانت مجرد تكوين عارض على ظهر حوت!الاتحاد السوفيتي كان احتمال لجزيرة إنسانية رائعة، لكنها عارضة، على ظهر حوت من أكاذيب الادعاء، و نقائص أيديولوجيا تزعم الاكتمال، و صغائر نفوس قادة صغار لبلد كبير وعريق، عراقة دوستويفسكي وتشيكوف و تورجينيف و بوكشين و تولستوي وجوركي و بولجاكوف”
“وها هي قمة إفرست نحوم حولها ونصعد رويدا رويدا، إننا نرتقيها ونتعلق، نحدق مذهولين. تشبه هرما رماديا سرمديا موشى بالثلوج بين القمم الناصعة. أُمعِن. ثمة هالات من النور تحيط شفيفة خفيفة بقمة الهرم. أتراه وهم روحي، أم زيغ بصري، أم ارتداد ضوء الشمس عن مرايا أصفى ثلوج الأرض؟ لا أدري، ولن أدري. الذي أدريه يقينا أن مَن يصعد إلى هذا المرتقى يوما، لا يعود كما كان قبل الارتقاء، ويظل يهفو أبدا إلى هذا الارتقاء، لهذا لم أعد أرى في جنون متسلقي قمم الجبال جنونا، بل هي رغبة مطلقة في الانعتاق من شقاء العالم الأرضي، وملامسة مطلق النقاء الذي لم يمسسه البشر أو لم يلوثوه بعد.”
“هناك صنفين من الناس، أحدهما مدفوع بحب الحق والخير والجمال، فهو مُلاقيها حيثما تكون فى دين أو دنيا، والآخر مدفوع بنازع الباطل والشر والقبح، وهو واجدها حيثما طلبها، لأنه فى الأخير يعبر عن جنوح نفسه، لا واقعية الدينا، ولا سمو الآخرة.”
“إن البياض والسواد والضعف والقوة والغنى والفقر صفات لا تكون الشخصية الإنسانية، ولا ترجح كفتها لا في الدنيا ولا في الآخرة، إن القلب المشرق بالطيبة والتواضع واحترام الحق هو الجدير بالحفاوة والتقديم.”