“الثورة الفرنسية التي يتغنون بها، هي التي قتلت و أحرقت و أعدمت على الخازوق في مصر في سنواتها الأولى، وليس بعد تحولها إلى الاستعمار كما يحلل الماركسيون.ثوار باريس الذين خرجوا من خلف المتاريس بعد اسقاط شارل العاشر، هم الذين ذهبوا إلى الجزائر ففتكوا بأهلها.الحضارة الغربية لا تعترف بأن الأجناس الأخرى بشر مثلهم.”
“كان الإسلام يمثل الرفض الغريزي من جانب الجماهير للغزاة الأجانب الذين يهددون وجودنا الحضاري، و مستقبلنا ، و مصالحنا. و كان يتمثل أيضا في القيادة المثقفة للأمة. أى في شيوخها و تجارها و أعيانها ( و هى القوى التي صفاها محمد علي ، بإصلاحاته و نظامه الإقتصادي و الطبقة الجديدة التي حلت محل الأعيان المصريين). و ما من أمة تحقق استقلالها و تقدمها إلا تحت قيادة طليعتها المثقفة، شرط أن ترتفع الطليعة إلى مستوى ثقافة عصرها، و شرط أن تنجح فى تجميع و توجيه طاقات الجماهير فى اتجاه التحرر و كسب القوة المادية القادرة على إنجاز متطلبات المرحلة التاريخية”
“الخلاف حول تفسير التاريخ ليس ظاهرة ترف، ولا هو مجرد خلاف حول تفسير الماضي، بل هو في الدرجة الأولى خلاف حول الطريق إلى المستقبل...و الأمم دائما تهرع إلى تاريخها، فى لحظات محنتها - تستمد منه الإلهام و الدعم النفسي، بينما يلجأ خصومها دائماً إلى تزييف التاريخ و تشويهه لتضليل الحاضر و إفساد الطريق إلى المستقبل”
“المجتمع الذي يعيش بروح الجهاد، و يستعد له لا يمكن أن ينقسم على نفسه، لا يمكن أن تمزقه أحقاد طبقية أو انانيات فردية، فليس أقوى من وحدة الدم.هذا المجتمع، يستحيل على أي قوة داخلية أن تستبد به، هو أيضا، في عملية نمو حضارية دائمة، بسبب روح الجهاد التي تسيطر عليه و التي تحتم عليه أن يكون متفوقا حضاريا، بكل ما يعنيه التفوق الحضاري تكنولوجيا و اجتماعيا.هذا المجتمع "المجاهد" القوي، المتفوق، قد يخلق بين أفراده اغراء بالتوسع. فان القزة تغري دائما باستخدامها، و القدرة تخلق امكانية استغلالها.لذلك كان هذا التحديد القاطع لطبيعة الجهاد بانه ما كان إلا في سبيل الله و لأعلاء كلمته. فالمسلم يعلم ان القتال لأي هدف، الا لاعلاء كلمةالله، فهو قتال من أجل ما استهدفه، و ليس جهادا و لا يثاب المسلم عليه ثواب المجاهدين”
“ومن العسير على النفس حقًا، أن تناقش نظرية تجعل احتلال مصر بداية تاريخها الديموقراطي (( فكرًا وتنظيمًا )).. ما من أمة ترضى أن تُمتهن كرامتها ويُشوه تاريخُها على هذا النحو .. وأي سم يترسب في عقول الجيل الناشئ، عندما يُلقن أن الاحتلال - بعكس ما يُقال - هو الذي حمل الديموقراطية إلى مصر فكرًت وتنظيمًا .. وأن المشاركة في الحكم لم يكن لها أي جذور في تاريخنا لا فكرًا ولا ممارسةً ؟!”
“و الحقيقة أن هذه القضية: مسايرة العصر و الإحتفاظ بالدين و التقاليد...هي وحدة لا تتجزأ. و لقد أدركت النخبة منذ زمن مبكر. و لو أنها لم تستطع أن تحول علمها إلى عمل لأسباب عديدة، أدركت هذه النخبة، أن الحفاظ على الدين و التقاليد هو الطريق الوحيد أمام الشعوب الإسلامية لكي تحقق التجديد و التحديث، و أدركت فى نفس الوقت أن التمدين الذي يدعوها إليه الغرب هو عملية إعادة تنظيم المجتمعات الإسلامية، لكي تصبح أكثر قابلية للاستعمار الغربي، و أكثر قابلية لعملية الامتصاص. لأنها بالتغريب تصبح أكثر تقبلاً لإدارته لها. إن غلي النبات و شواء اللحم يجعله أكثر تحضراً و لكن لمصلحة الذي يلتهمه!”
“المجتمع المُغرَّب ، هو ذلك المجتمع الذي تزدحم طرقاته بأفخر وأحدث السيارات المستوردة، وتضم مدنه أفخم دور عرض الأفلام المستوردة، ويرتدي أهله أحدث المنسوجات المستوردة، وعلى أحدث الموضات الغربية، ويثرثر مثقفوه في قاعات -مكيفة بأجهزة أمريكية أو روسية- في مشاكل المجتمع الغربي وآلامه، ويملأون صفحات من ورق مستورد تطبع بحبر مستورد وبآلات مستوردة، حول قضايا الوجودية ومسرح اللامعقول، والجنس الجماعي، وتطور حركة الهيبيز، على بعد خطوات من كهوف مواطنيهم حيث البلهارسيا والكوليرا والتراخوما، وكل تراكمات التخلف منذ القرن السابع عشر”