“الانسان الشاذ ليس دائما ذلك الذي يبتعد عن القاعدة ، حتى لقد يتفق - خلافا لهذا - أن يحمل في ذاته حقيقة عصره ، بينما يكون الناس ، جميع الناس ، من معاصريه ، قد ابتعدوا عن القاعدة إلى حين ، كأنما دفعتهم عنها ريح هبت عليهم على حين فجأة . .”
“الآلام أنواع : فهناك آلام تخفض قيمتنا أو تنقص قدرنا ، كالجوع مثلا ؛ فالناس تحب أن تصدقنا في ما يتعلق بهذا النوع من الآلام ، ليجعلوا من أنفسهم محسنين إلينا بعد ذلك. أما إذا كان الألم أرفع من هذا درجة أو درجتين ، إذا كان ألما نحتمله في النضال من اجل فكرة مثلا ، فإن الناس يرفضون أن يصدقوه، باستثناء قلة قليلة. وهم لا يصدقونه لأنهم حين نظروا إلى صاحبه رأوا أن رأسه ليس ذلك الرأس الذي لابد أن يكون في نظرهم رأس من يتألم في سبيل قضية رفيعة تلك الرفعة كلها. وهم عندئذ يأبون أن يتعاطفوا معه أي تعاطف؛ دون أن يكون في موقفهم هذا شيء من روح الشر على كل حال”
“الانسان متى جحد المعجزة أسرع يجحد الرب، لأن ظمأه هو إلى العجائب لا إلى الرب؛ وإنه لكونه لا يستطيع أن يحيا بغير معجزات سيخلق هو بنفسه معجزات أقوى ، فهوى ؛ ولو كان متمردا كافرا ملحدا ، إلى خرافات سخيفة ، تنطلي عليه أباطيل السحرة وخزعبلاتهم.انك لم تنزل عن الصليب حين دعاك الجمهورإلى ذلك صائحا "انزل عن الصليب فنصدق أنك أنت" ، انك لم تنزل لأنك لم تشأ أن تستعبد البشر بالمعجزة، وانما أردت أن يجيؤوا إليك بدافع الايمان ، لا بدافع العجائب، كنت تريد أن يهبوا إليك محبتهم أحرارا لا أن ينصاعوا إليك عبيدا أذهلتهم قوتك.”
“كان إيليوشا الصغير يحاول أن يخفي الضيق الذي يحسه ، ولكنه كان يدرك في قرارة قلبه المحطم المسحوق أن أباه قد أذله المجتمع، وأن ذكرى ذلك اليوم الرهيب جدا في الكباريه لا تفارقه لحظة . وكانت نينا الكسيحة ، أخت إيليوشا ، المهيضة الوديعة تكره ذلك أيضا ، حتى الأم البلهاء لم تجد في ذلك لذة كبيرة.”
“وعليه فإنني أعلن بجرأة أن كل هذه النظم البديعة وكل هذهالنظريات التي تشرح للجنس البشري مصالحه الطبيعية الحقيقية، لكي يقوم البشر بما لا محيص عنه من اقتفاءلهذه المصالح لكي يصبحوا طيبين شرفاء – كل هذه الأمور هي في نظري ليست غير أشياء منطقية! أجل أشياءمنطقية، كما أن إثبات النظرية القائلة بأن بقاء الجنس البشري يعتمد على اتباع البشر لما يحقق مصالحهم هو فينظري لا يختلف عن تأكيد" بوكل" على أن البشر يصبحون، كلما أوغلوا في الحضارة ، أشد نعومة، وهكذايصبحون أقل تعطشاً للدماء وأقل استعداداً للحرب. إذ أن هذا ما يلوح متفقاً من الناحية المنطقية مع بحثه. بيد أنالإنسان يميل إلى النظم والنتائج المنطقية إلى درجة أنه مستعد حتى لتشويه الحقائق عمداً ولانكار ما تشعر بهحواسه من أجل تبرير منطقه”
“لا بؤس ولا حظ في القاعدة الطردة التي تجري على وتيرة واحدة وكن حين تختار الحكمة الإلية شخصا بعينه لتجري عليه الحكم الشاذ من القاعدة وتهيئ له الأحوال الشاذة فهناك إما حقيقة البؤس وإما حقيقة الحظ .وما أصل الهم والشقاء في الإنسان إلا أن كل إنسان يتمنى لنفسه ان يشذ من قاعدة ما..........”
“حين يسود الجهل ويخيم الجمود العقلي يسارع الناس إلى تصديق كل ما يسمعونه ويتلقونه على أنه حقيقة ثابتة مع أنه في الواقع لا يعدو أن يكون رأيا من الآراء”