“ثم دلفت إلى باب لتعود منه بعد ثلاثين ثانية ومعها رجل في الأربعين من عمره يرتدي بذلة سوداء. كان مظهره يوحي بأنه شخصية فندقية حقيقية. لقد إلتقيت الكثيرين منهم خلال عملي. إنهم كائنات متشككة لديها خمس وعشرون إبتسامة مختلفة جاهزة للإستخدام لدى كل ظرف من الظروف المتنوعة. فمن الإبتسامة الهادئة والودودة غير العابئة الى الإبتسامة العريضة المعبرة عن الرضا. إنهم يتحكمون في ترسانة الإبتسامات كلها من خلال الأرقام مثل نوادي الغلف لبعض الضربات.قال وهو يطلق ابتسامة متوسطة المدى نحوي مصحوبة بإنحناءة مهذبة من رأسه: "هل يمكنني ان اساعدك اذا سمحت؟" لكنه ما إن لاحظ ملابسي حتى تراجعت ابتسامته سريعاً ثلاث درجات. كنت أرتدي جاكيتاً رياضياً مبطناً بالفراء ذا أزرار "كيث هاينج" في منطقة الصدر وقبعة نمساوية وبنطالاً فيه الكثير من الجيوب وحذاء عمل. كلها كانت قطع من الملابس العملية والجميلة. لكنها لم تكن تتلاءم مع بهو مثل هذا الفندق. ليس ثمة خطأ مني، بل مجرد إختلاف في نمط الحياة.”
“ان ما يميز المجتمع في العصور الوسطى عن المجتمع الحديث هو نقصه من الحرية الفردية. لقد كان كل فرد من الفترة المبكرة مقيدا بدوره في النظام الاجتماعي. لم تكن امام الانسان سوى فرصة واهنة للتحرك اجتماعيا من طبقة الى اخرى, بل لا يكود يكون قادرا على الحركة حتى جغرافيا من مدينة الى اخرى او من بلد الى آخر. وفيما عدا استثناءات قليلة عليه ان يمكث حيث ولد. بل انه كان في الاغلب غير حر في ان يلبس كما يهوى او ان يأكل كما يشاء. وكان على الاسطى ان يبع حسب سعر معين وكان على الفلاح ان يبيع عند مكان معين. وكان محرما على عضو النقابة ان يفشي اية اسرار تقنية خاصة بالانتاج لاي فرد ليس عضوا في نقابته وكان مرغما على ان يدع زملاءه من اعضاء نقابته يشاركونه في اية عملية شراء مفيدة للمادة الخام. لقد هيمنت على الحياة الشخصية والاقتصادية والاجتماعية قواعد والزامات لم يفلت منها من الناحية العملية اي مجال من مجالات النشاط.”
“لم نعرف أثناء احتجازنا في بير جديد ماذا يعني البيض الطبيعي. كانت القشرة الخارجية خضراء اللون, وفي داخلها سائل أسود اللون أيضا تنبعث منه رائحة كريهة تشمئز منها النفس. كنت أضعها في وعاء بعد أن أكسرها, وأتركها طوال الليل لتهوئتها, وفي الصباح كنت أخفقها مع قليل من السكر .أغمس قطع الخبز في المزيج ثم أقلبها بالزيت. وتصبح جاهزة للتوزيع, ما إن تزول الرائحة حتى تعم البهجة والسرور من زنزانة إلى أخرى. مزجها بالخبز أضاع طعمها الرديء إلى حد ما”
“في ذكراك سيدتي مازال القلب يتساءلربما كنت مجرد نزيل في قلبك الشبيه بالفندق ، فيا ترى من انا فيهم واي نزيلاً كنت ؟ هل اطلت المكوث فيه ، وتركت بصمه دامغة في هذا القلب ؟ ام تم تسجيل خروجي منه خلال ايام ؟”
“إنهم موجودون في كل مكان. في الفندق لا يوجد أكثر من الناس. ولكن مع ذلك كله تحس أنك، فيه، تنعم بوحدة عجيبة. في أية لحظة تشاء تترك الآخر هناك وتنزل إلى أعماقك.”
“غابة من الأبنية تستحم ببحر شاسع من الملح،في كثير من زواياها ترتفع نوافير يتدفق منها ماء عذب في يوم واحد اكثر مما يستهلكه بدوي في حياته كلها، وتنتصب فوق ارض حجرية تصلح فقط كجحور لألاف الفئران. وتتحول مدينة كهذه بالطبع، الى المكان الاكثر دهاء وبسالة ونبلاً وذكاء من رجل "أموهاغ" من قبيلة كيل_تالغيموس المباركة، ويشعر بالعجز عن القتال فيها مثل الأكثر وضاعة من عبيد "عملي".”