“التخلف النفسي هو نمط من الوجود, أسلوب في الحياة ينبت في كل حركة أو تصرف, في كل ميل أو توّجه, في كل معيار أو قيمة. إنه نمط من الوجود له خرافاته وأساطيره ومعاييره التي تُحدّد للانسان موقعه, نظرته إلى نفسه, نظرته إلى الهدف من حياته, أسلوب انتمائه ونشاطه ضمن مختلف الجماعات, أسلوب علاقاته على تنوّعها. إنه موقف من العالم المادي وظواهره ومؤثراته, وموقف من البنى الإجتماعية وأنماط العلاقات السائدة فيها, على المستوى الذاتي الحميم كما على المستوى الذهني, هناك مجموعة من العقد التي تميّز الوجود المتخلّف, نمط الوجود المتخلّف غير محتمل فهو يولّد الامًا معنوية تهدم التوازن النفسي.”
“فمن الصحيح القول ليس لله, بالمعنى الديني التقليدي, أي حضور في التجربة السوريالية كما يؤكد أندريه بريتون نفسه بأن المقدس الذي يؤمن به ليس دينياً, أو هو خارج الدين. لكن ليس له كذلك, بالمعنى الديني التقليدي, أي حضور في التجربة الصوفية. أو لنقل: إن حضوره فيها ليس حضور انفصال وتجريد عن الوجود, كما هو الشأن في النظرة الدينية التقليدية, وإنما هو حضور اتصال بالوجود, حضور اتحاد ووحدة. الله, صوفياً, ليس الواحد- إلا لأنه الكثير. إنه من الوجود, "النقطة العليا" كما يعبر بريتون, النقطة التي يتوحد فيها مانسميه المادة وما نسميه الروح, وتزول التناقضات. فهو ليس الواحد الذي يخلق الوجود, من خارج ودون اتصال به, وإنما هو الوجود نفسه في حركيته ولا نهايته.”
“من اللحظة التي طُرد فيها آدم من الجنة لم يتخلص من الحرية ولم يهرب الى المآساة ، فهو لا يستطيع أن يكون بريئًا كالحيوان أو الملاك ، إنما كان عليه في أن يختار في أن يكون خيّرًا أو شريرًا ، ، باختصار أن يكون إنسانًا ، هذه القدرة على الاختيار بصرف النظر عن النتيجة ، هي أعلى شكل من أشكال الوجود الممكن في هذا الكون .”
“لكن الموسيقيّ يعرف أن الماضي غير موجود . قالها فجأة كما لو أنه ينفي فكرة لم أعبر عنها. أولئك الذين يرسمون أو يكتبون يمضون وقتهم في مراكمة الماضي على أكتافهم ، بالكلمات أو اللوحات . أما الموسيقيّ فهو دائماً في الفراغ . تكف موسيقاه عن الوجود في اللحظة التي يكف فيها هو عن عزفها إنه الحاضر الصرف”
“فإذا عرفنا المادة بأنها كل ما هو موضوعي فﻻ بد من اﻻعتراف بأن هناك في الوجود شيئاً آخر غير المادة هو الوجه اﻵخر من الحقيقة الذي هو الذات.”
“عندما تصير (اللذة) مبدءاً أساسياً في الحياة، وعندما تفسر كل الدوافع، وكل الحوافز، وكل الأفعال، بناء على اللذة والمتعة الحسية بالتحديد.. فالأمر يخرج عن الطبيعي.. إلى ما هو (غير طبيعي)..وعندما يتحول الأمر من الأفراد (المتفلتين) من عقال سيطرتهم على شهواتهم، ليصير سلوكاً اجتماعياً محبباً ونمطاً من الحياة يلاقي الترويج والتشجيع، فإن الأمر مختلف.. كل الحضارات، على اختلاف هوياتها ومنظومات قيمها، تواجه انهياراً أخلاقياً في أواخر أيامها، تعاني من التفسخ والفساد والترف كونه جزءاً من دورة حياتها الحضارية (...) لكن الفرق بين ما نراه اليوم في الفردوس المستعار، وما كان ظاهرة عامة هو أن التحلل الأخلاقي كان مصاحباً لانهيار الحضارات، أي أنه كان عرضاً متأخراً لسرطان مدمر في مراحله المتقدمة.أما في حضارة الفردوس المستعار، فالتحلل لا علاقة له بانهيار الحضارة، إنه جزء من الحضارة نفسها بالمفهوم الأمريكي، إنه نوع من نمط الحياة. (...)هذه المرة، هذا التحلل هو هدف مستقل بحد ذاته، إنه ليس ناتجاً ثانوياً، بل هو شعار الحياة نفسها: المتعة واللذة، والاستمتاع بالحواس وإرضاؤها إلى أقصى حد متخيل .. الآن وهنا ..”