“لم يجعل اقتراب الموسكوفيين أكثر جدية بل على العكس. لقد ارتفع صوتان في أعماق النفوس متماثلان بالقوة, كما يحدث عادة أمام مصيبة فادحة. كان الصوت الأول يوصي بحكمة أن ينتبه إلى الخطر القريب و أن يصار إلى البحث عن الوسائل التي تنجي منه. و أما الصوت الثاني, فكان يقول بأكثر حكمة أن من التألم جداً التفكير في الخطر وأن الإنسان لا يمكن أن يعرف الخطر قبل وقوعة و لا أن يفلت من سير الأحداث و أن من الأفضل إبعاد كل تفكير منغص أمام الأمر الواقع.”
“أن الخطر -كل الخطر- في أن نصغي لأي صوت بداخلنا يدعونا إلى الاستسلام ، والقعود ، و قتل الهمة”
“الإنسان حيوان له تاريخ ! ما معنى ذلك ؟ معناه أن الميزة الأولى التي تميز الانسان من غيره من المخلوقات هي أن كل جيل من البشر يعرف تجارب الجيل الذي سبقه و يستفيد منها ، و إنه بهذه الميزة وحدها يتطور . و على العكس من ذلك الحيوان ، فالأسد أو القط أو الكلب الذي كان يعيش في الأرض منذ ألف سنة لا يمكن أن يختلف عن سلالته التي تراها اليوم في الصفات و الطباع و نوع الحياة”
“فوجئ صديقي بما سمع ، فلم يُعِر أي اهتمام ، بما بدا على صاحبه من علامات الاستخفاف ، كان يعرف أن صاحبه ليس ممن جعلوا من الثقافة ملح خبزهم اليومي ، رغم ما يظهره أحيانا من اهتمام بالثقافة . لكنه لم يعرف ، أن صاحبه تجاوز كل أشكال الانتماء القومي الإنساني ، و صار من غلاة اللامنتمين ، و أدار ظهره للماضي ، بعد أن أصبحت المادة قبلته الوحيدة ، و لم يعرف أيضا أن الإنسان في المجتمع الاستهلاكي ، يمكن أن يتحول إلى مجرد كائن حي ، لا يرى في الحياة سوى أيام تتعاقب ، يأكل فيها و يشرب ، و يمارس بعض ألعاب التسلية في الأماسي ، و ينام مع الأحلام ، التي تصور له أن العبقرية فقط في مدى الإيمان بمبدأ - الوسيلة تبرر الغاية - و الالتزام به فكرا و ممارسة ، حتى و لو كان الارتقاء الشكلي على حساب آلام الأهل ، و لم يعرف أيضا أن بروتوس موجود في كل مكان و زمان و بأشكال مختلفة . ”
“نحن نعرف أشخاصاً واسعي المعرفة و بعيدين كل البعد عن الحكمة ، و أن الحكمة كثيراً ما تكون مطلوبة أكثر من المعرفة ، بل و إن كثرة المعرفة قد تؤدي هي نفسها إلى قلة الحكمة ، إذا كانت من نوع المعرفة التي "لا تنفع الناس" ، أو إذا أدت كثرتها إلى اختلاط الأمور أمام صاحبها فأضعفت قدرته على التمييز بين النافع و الضار.لا يمكن إذن في تحديد الهدف الاكتفاء بكم المعرفة بل لا بد من التطرق إلى نوعها .”
“أفهم توق الإنسان إلي إن يعرف، لكن في المقابل أفهم خوفي من أن أعرف قبل الأوان؛لذا أختار أن أخاف على أن تنهكني معرفة كيف أن حياتي ستتغير في لحظة ما.أجل سينهكني أن أعرف، و أن أنتظرأن يحدث ما عرفته، وأن يحدث،أو أن لا يحدث. يا للخسارة الفادحة ألا يكفي أن نخسر دون أن نعرف؟”