“فإن الإنسان إنما سبيله:أن تفيده الملل بالوحى ما شأنه ألا يدركه بعقله وما يخور عقله عنه وإلا فلا معنى للوحى ولا فائدة إذاكان إنما يفيد الإنسان ما كان يعلمه،وما يمكن غذا تأمله،أن يدركه بعقله.ولو كان كذلك لوكل الناس إلى عقولهم،ولما كان لهم حاجة إلى نبوة ولا إلى وحى لكن لم يفعل بهم ذلك،فلذلك ينبغى أن يكون ما تفيده الملل من علوم:ما ليس فى طاقة عقولنا إدراكه.ثم ليس هذا فقط، بل ما تستنكره عقول بعض منا.فإن ما تستنكره بعض العقول وتستبشعه بعض الأوهام قد لا يكون فى الواقع منكرا ولا بشعا.”
“لأن همه االأول كان فى التحبب إلى الناس وإدخال السرور على قلوبهم ، وقد علم بغريزته أنه ينبغى لذلك أن يكون خفيفاً لطيفاً فلا يجوز أن يُعارض رأياً ولو خالفه بقلبه ، ولا أن يغضب ولو مست كرامته ، ولا أن يُقاوم وإن هوجم وضيق الخناق عليه ، فنال ما يشتهى من الحب وفق ما يشتهى ولكنه خسر الاحترام إلى الأبد.”
“إن الإنسان العاقل ما ينبغي أن يصف واقعاً فرض نفسه أو فرضه بعض الناس لسبب ما، بأنه قدر حتمي لا يتبدل، ثم يمضي و هو خاضع مستسلم يقول ليس في الإمكان أبدع مما كان. بل يجب أن نعلم أن هذا الواقع لم يفرض نفسه إلا بعد أن أزاح واقعاً سابقاً عليه كان قد فرض هو الآخر نفسه أحقاباً طويلة من الدهر.”
“نحن أمواج إن تسترح تمت " ..إذ أننا فيما يبدو لابد أن يكون لدينا دائما ما يجعل الراحة و اطمئنان القلب أملا نتطلع إليه دون تحقيقه , فإن عجز الواقع عن تقديم المنغصات التى تحرمنا من راحة البال .. تكفلت هواجس الإنسان و شكوكه بخلقها من العدم خلقا .. و عقل الإنسان قد يفضل فى بعض الأحيان أن يصدق ما يرغب المرء بهواجسه فى تصديقه, و ليس ما ينبغى له أن يصدقه اعتمادا على الواقع العملى.”
“كثيراً ما يقص المرء ما تمنى ان يكون ...لا ما كان بالفعل ..والأكثر ان يرى بالتمني ما يمكن أن يكون بدلاً من ذلك الذي كان”
“خلاصة الفكرة إذن هي أن ما كان يناسب الأولين إنما كان يناسبهم لأن ذلك كان أقصى ما وصلت إليه معرفتهم العلمية، وما يناسبنا نحن اليوم يناسبنا لأن النظريات العلمية التي تسود عصرنا هي أقصى ما وصلت إليه معرفتنا المعاصرة، وعلى ذلك فانه ليس هناك ما يدعو إلى التعصب لعلمنا المعاصر فنصف نظريات الأولين بانها لا علمية أو أن عصرهم كان عصر جهل وتخلف وخرافات.”