“وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ".. يرضى بدينه، ويرضى بربه، ويرضى بقدره، ويرضى بنصيبه، ويرضى بما يجد من سراء وضراء، ومن غنى وفقر، ومن يسر وعسر، ومن رخاء وشدة، يرضى فلا يقلق.. ولا يضيق.. ولا يستعجل.. ولا يستثقل العبء.. ولا يستبعد الغاية.إن هذا الرضى جزاء أكبر من كل جزاء.. جزاء يستحقه من يبذل له نفسه وماله.. من يعطي ليتزكى، ومن يبذل ابتغاء وجه ربه الأعلى.إنه جزاء لا يمنحه إلا الله (عز وجل)، وهو يسكبه في القلوب التي تخلص له، فلا ترى سواه أحداً.”
“ومتي استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله، فتصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها، وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه، ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله (عز وجل)؛ لأنه لا حقيقة هناك يراهاإلا حقيقة الله (عز وجل).وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة الواحدة، ومن التعلق بغير هذه الحقيقة.. فعندئذ يتحرر من جميع القيود، وينطلق من كل الأوهام.. يتحرر من الرغبة، وهي أصل قيود كثيرة، ويتحرر من الرهبة، وهي أصل قيود كثيرة، وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئاً متى وجد الله (عز وجل)؟! ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله (عز وجل)؟!”
“والذي يعطي ويتقي ويصدق بالحسنى يكون قد بذل أقصى ما في وسعه ليزكي نفسه ويهديها، عندئذ يستحق عون الله وتوفيقه الذي أوجبه (سبحانه وتعالى) على نفسه بإرادته ومشيئته. والذي بدونه لا يكون شيء، ومن يسره الله لليسرى فقد وصل.. وصل في سر وفي رفق وفي هوادة.. وصل وهو بعد في هذه الأرض، وعاش في يسر، يفيض اليسر من نفسه على كل ما حوله وعلى كل من حوله.. اليسر في خطوه، واليسر في طريقه، واليسر في تناوله للأمور كلها، والتوفيق الهادئ المطمئن في كلياتها وجزئياتها، وهي درجة تتضمن كل شيء في طياتها، حيث تسلك صاحبها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وعد ربه له: "وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ".”
“لا يقلق من كان له أب ، فكيف بمن كان له رب .”
“هل هي مصادفة؟! إن للمصادفة كذلك قانوناً يستحيل معه أن تتوافر هذه الموافقات كلها من قبيل المصادفة - فلا يبقى إلا أن هنالك مدبراً يخلق الذكر والأنثى لحكمة مرسومة وغاية معلومة - فلا مجال للمصادفة، ولا مكان للتلقائية في نظام هذا الوجود أصلاً.”
“إن الإنسان المستقيم لا يعيش الخوف. لأن الخوف أمران. أما ذنب أنا سبب فيه. والسائر على الطريق المستقيم لم يفعل شيئا يخاف انكشافه. وأما أمر لا دخل لي فيه. يجريه على خالقي. وهذا لابد أن يكون لحكمة. قد أدركها. وقد لا أدركها ولكني أتقبلها. فالذي يتبع هدى الله. لا يخاف ولا يحزن. لأنه لم يذنب. ولم يخرق قانونا. ولم يغش بشرا. أو يخفي جريمة. فلا يخاف شيئا، ولو قابله حدث مفاجئ، فقلبه مطمئن.والذين يتبعون الله. لا يخافون. ولا يخاف عليهم .. وقوله تعالى: "ولا هم يحزنون" لأن الذي يعيش طائعا لمنهج الله .. ليس هناك شيء يجعله يحزن. ذلك أن إرادته في هذه الحالة تخضع لإرادة خالقه. فكل ما يحدث له من الله هو خير. حتى ولو كان يبدو على السطح غير ذلك. ملكاته منسجمة وهو في سلام مع الكون ومع نفسه. والكون لا يسمع منه إلا التسبيح والطاعة الصلاة وكلها رحمة. فهو في سلام مع نفسه. وفي سلام مع ربه. وفي سلام مع المجتمع.”
“فمن لم يجد بحياته في سبيل من يحب فلا حب له ، ومن لا حب له فليس منا ، وليس منا من يقف إيمانه عند ابتغاء السلامة.”