“وتذكرت العلامة ابن النفيس ، وحزنت عليه ، وعلينا. فقد قال لنا هذا الرجل ، وهو أيضا عالم وفقيه شافعي لم يكن في زمانه مثله ، قبل ثمانية قرون من الزمان ، هذه العبارة التي لم نلتفت أبدا إليها. وهي بالمناسبة ، ولكي لا يكذبني أحد ، موجودة في كتابه الذي لم يزل مخطوطا لم ينشر ، وعنوانه (شرح معاني القانون). تقول عبارة ابن النفيس ، التي أرجو أن نقرأها بهدوء:وربما أوجب استقصاؤنا النظر عدولا عن المشهور والمتعارف ، فمن قرع سمعه خلاف ما عهده ، فلا يبادرنا بالإنكار ، فذلك طيش ، فرب شنع حق ومألوف محمود كاذب ، والحق حق في نفسه ، لا لقول الناس له ، ولنذكر دوما قولهم: إذا تساوت الأذهان والهمم ، فمتأخر كل صنعة خير من متقدمها.”
“وربما أوجب استقصاؤنا النظر عدولاً عن المشهور والمتعارف ، فمن قرع سمعه خلاف ما عهده ، فلا يبادرنا بالإنكار ، فذلك طيش ، فرُبَّ شنعٌ حق ومألوفٌ محمودٌ كاذب ، والحق حقٌ في نفسه ، لا لقول الناس له ، ولنذكر دومًا قولهم: إذا تساوت الأذهان والهمم ، فمتأخرُ كل صنعةٍ خيرٌ من متقدمها”
“كنت مسرعاً نحو غاية لا أعرفها، في لحظة ما أدركت أنني لا أعرفني! وأن ما مضى من عمري لم يعد موجوداً.كانت الأفكار والصور تمر علي خاطري ولا تثبت، تماما كما تمر قدماي على الأرض، فلا تقف. شعرت أن كل ما جرى معي، وكل ما بدا أمامي في أيامي وسنواتي الماضية، لا يخصني..أنا آخر، غير هذا الذي كان، ثم بان!”
“كل ما في كوننا ينام ويصحو وينام إلا آثامنا وذكرياتنا التي لم تنم قط .. ولن تهدأ أبدا”
“فانتبه فجأة أن البلاد المحال، هي التي تهاجر عن أهلها حين تهجرهم وهم في حضنها، وتقسو عليهم بغير حق،فهجمت عليه الحيرة والتعجب من اتساع المجال وتطابق الأحوال.”
“النومُ هبةٌ إلهيةٌ .. لولاها لا جتاح العالم الجنونكل ما في الكون ينام , إلا آثامنا وذكرياتنا التي لم تنم قط , ولن تهدأ أبداً.”
“لماذا لا يتعلم الناس من الحمام، العيش في سلام.الحمام طير طاهر، وبسيط ، وقد قال يسوع المسيح: كونوا بسطاء كالحمام ..الحمام مسالم، لأنه لا مخالب له، فلينبذ الناس ما بأيديهم من الأسلحة وعتاد الحرب! والحمام لا يأكل فوق طاقته ولا يختزن الطعام فليكف الناس عن اكتناز القوت وتخزين الثروات .. والحمام يعيش حياة المحبة الكاملة، لا تفرق ذكوره بين أنثى جميلة وأخرى قبيحة، مثلما يفعل الناس .. وإذا بلغ الفرد منه مبلغ الطيران، لم يعد يعرف أيا له ولا أما، وإنما يدخل مع البقية في شركة كاملة لا تعرف أنانية ولا فردانية. فلماذا لا يعيش الناس على ذاك الحال، ويتناسلون في جماعات مسالمة، مثلما كان حال الإنسان أول الامر؟ الكل يعيش فى الكل، يحيا فى هناءة، ثم سموت بغير صخب، مثلما تموت باقية الكائنات. ويختار الرجال من النساء، والنساء من الرجال، ما يناسب الواحد منهم للعيش حينا في محبة مع الآخر، ثم يتركه إذا شاء، ويأنس لغيره إذا أراد، ويصير نسلهم منسوبا لهم جميعا.. وتكون النساء كالحمامات، لا يطلبن من الرجال غير الغزل و لحيظات الالتقاء. فالنساء..-يا هيبا، هذا الذي تكتبه لا يليق برهبانيتك!”