“وهو يفكر كم هو غريب مرض الوالدين ومن فى حكمهم. كأننا نأخذ وجودهم وصحتهم" على انها امر مسلم به, ومهما تدهورت صحتهم نظل ننظر لهم كما كانوا ونحن صغار. وكأن أعراض الشيخوخة امر مؤقت, مثل الزكام يأتى ونعرف انه سيذهب.وإن لم يذهب فهو مجرد مغص, مجرد تقلص, تقلص فى قدرتهم. وعندما تقل حركتهم ويقل تركيزهم ويزدادون هزالا, لا نرى فى ذلك مقدمة لرحيلهم. أحيانا نفكر فى هذا الاحتمال بعقولنا, لكننا لا نشعر أنه شئ يمكن أن يحدث فعلا. حتى يصابون بنوبة مثل هذه, وفجأه تباغتنا حقيقة أنهم راحلون, إن لم يكن هذه المرة فالمرة التى تليها. ونبكى بحرقة, وينكسر شئ فينا ولا نعرف ما هو , ونكبر فى العمر فجأه. كأنهم يخلون لنا مكانا كنا نتركه لهم. كأنهم يقولون تعالوا, خذوا مكاننا, الان صرتم انتم الكبار, اما نحن فذاهبون. لعل هذا اكثر ما يصيبنا بالجزع, هذه هى الساقية التى لا تتتوقف : ستأخذكم الى أعلى, الى أعلى أكثر, ثم تغيبهم وتسحبنا نحن ماكنهم, ثم نتبعهم”
“وهو يفكر ، كم هو غريب مرض الوالدين ومن فى حكمهم؟! كأننا نأخذ وجودهم وصحتهم على أنها أمرٌ مُسلَّم به ، ومهما تقدم بهم العمر وتدهورت صحتهم نظل ننظر لهم كما كانوا ونحن صغار. وكأن أعراضَ الشيخوخةِ أمرٌ مؤقتٌ ، مثل الزكام. يأتى ونعرف أنه سيذهب ، وإن لم يذهب فهو مجرد مغص ، مجرد تقلص في قدرتهم. وعندما تقل حركتهم ويقل تركيزهم ويزدادون هزالًا ، لا نرى فى ذلك مقدمة لرحيلهم. أحيانًا نُفكر فى هذا الاحتمال بعقولنا ، لكننا لا نشعر أنه شئ يُمكن أن يحدث فعلًا. حتى يُصابون بنوبة مثل هذه. وفجأة تُباغتنا حقيقة أنهم راحلون. إن لم يكن هذه المرة فالمرة التى تليها. ونبكى بحرقة ، وينكسر شيءٌ فينا لا نعرف ما هو ، ونكبر فى العمر فجأةً. كأنهم يخلون لنا مكانًا كنا نتركه لهم. كأنهم يقولون تعالوا ، خذوا مكاننا ، الآن صرتم أنتم الكبار ، أما نحن فذاهبون. لعل هذا أكثر ما يصيبنا بالجزع. هذه هى الساقية التى لا تتوقف : ستأخذكم إلى أعلى ، إلى أعلى أكثر ، ثم تغيبهم وتسحبنا نحن مكانهم ، ثم نتبعهم.”
“هل نعرف نحن كل شىء فى هذه الدنيا؟!..إن كل ما نعيشه بضع سنوات فى زمن لا أول له ولا آخر..ماذا نكون نحن في عمر الدنيا حتى ندعي الإحاطة بكل شئ!..هذه دنيا كلها طلاسم!!”
“ما الذى روّعه ؟ أهو منظر العظام قى ذاتها، أم فكرة الموت الممثلة فيها، أم المصير الآدمى و قد رآه أمامه رأى العين ؟و لماذا لم يعد منظر الجثث و العظام يؤثر فى مثلى و فى مثل الطبيب ، و حتى فى مثل اللحاد أو الحراس هذا التأثير ؟ يخيل إلىَّ أن الجثث و العظام قد فقدت لدينا ما فيها من رموز. فهى لا تعدو فى نظرنا قطع من الأخشاب و عيدان الحطب و قوالب الطين و الآجر. إنها أشياء تتداولها أيدينا فى عملنا اليومى. لقد انفصل عنها ذلك الرمز الذى هو كل قوتها؟..ما مصير البشرية و ما قيمتها لو ذهب عنها الرمز ... "الرمز" هو فى ذاته كائن لا وجود له. هو لا شئ و هو مع ذلك كل شئ فى حياتنا الآدمية. هذا اللا شئ الذى نشيد عليه حياتنا هو كل ما نملك من سمو نختال به و نمتاز على غيرنا من المخلوقات.”
“أمسك بأوراق اللعب وخلطها بيديه جيدا ثم أعاد ترتيبها ووضعها أمامها ثم طلب منها ان تنتقى ورقة لعب معينة ولا تخبره عنها ثم تعيدها له مقلوبة وتتفقد ما فى جيبها ...بالطبع انبهرت الفتاة عندما وجدت الورقة التى أعادتها له منذ ثانيتين فى داخل جيب بنطالها...لقد صار هذا متوقعا ومملا...وما هو أكثر مللا من ذلك هو أنها أمضت وقتها معه لا تفكر فى شئ سوى كيف فعلها..." لماذا لا تفترضين يا فتاة أننى فعلتها لأننى ساحر فعلا؟ لِمَ لا تؤمنين بقدراتى؟ لِمَ التقليل من شأن وعيك الى هذا الحد؟ لِمَ تتجاهلين أبسط الحلول الممكنة يا وجه الطفلة؟”