“وما حقيقةُ الحبِّ الصحيح إِلا امتزاجُ نفسين بكلِّ مافيهما من الحقائق ،حتى قال بعضُهم : لا يصلحُ الحبُّ بين اثنين إلا إذا أمكنَ لأحدِهما أن يقولللآخر : يا أنا ، ومن هذه الناحيةِ كان البغضُ بين الحبيبين - حين يقع - أعنفَمافي الخصومة ، إذ هو تقاتُلُ روحين على تحليل أجزائهما الممتزجة . وأكبرُ خصيميْنفي عالم النفس ، مُتَحابَّان تباغضا !”
“أترى يا قلبي أن هذا القمر، تليسكوب يكبر صورة العواطف حين تبث في ضوئه فلا يطلع على الحبيبين أبداً إلا كبر أحدهما في عين الآخر”
“وكنت مع طيفها كأني ملقى في حالة من حالات الوحي لا في ساعة من ساعات الكرىورأيت حباً رائعاً معبوداً أشعرني إذ ملكته في تلك الخطرات أن الإنسان قد يملك من الجنةنفسها ملكاً وهو على الأرض في دار الشقاء إذا هو احتوى بين ذراعيه من يهواه !”
“الحب لفظ وهمي موضوع على أضداد مختلفة: على بركان وروضة، وعلى سماء وأرض، وعلى بكاء وضحك، وعلى هموم كثيرة كلها هموم، وعلى أفراح قليلة ليست كلها أفراحًا؛ وهو خداع من النفس يضع كل ذكائه في المحبوب, ويجعل كل بلاهته في المحب، فلا يكون المحبوب عند محبه إلا شخصًا خياليًّا ذا صفة واحدة هي الكمال المطلق، فكأنه فوق البشرية في وجود تام الجمال ولا عيب فيه، والناس من بعده موجودون في العيوب والمحاسن.وذلك وهم لا تقوم عليه الحياة ولا تصلح به، فإنما تقوم الحياة على الروح العملية التي تضع في كل شيء معناه الصحيح الثابت؛ فالحب على هذا شيء غير الزواج، وبينهما مثل ما بين الاضطراب والنظام؛ ويجب أن يفهم هذا الحب على النحو الذي يجعله حبًّا لا غيره، فقد يكون أقوى حب بين اثنين إذا تحابَّا هو أسخف زواج بينهما إذا تزوجا.”
“حين يفسد الناس لا يكون الاعتبار فيهم إلا بالمال، إذ تنزل قيمتهم الإنسانية ويبقى المال وحده هو الصالح الذي لا تتغير قيمته. فإذا صلحوا كان الاعتبار فيهم بأخلاقهم ونفوسهم، إذ تنحط قيمة المال في الاعتبار، فلا يغلب على الأخلاق ولا يسخرها.”
“يا من وهب عبادة العقل بين هذه النواميس التي لا تعقل، حتى لا يتم أبداً عقل إنسان ولا تكمل أبداً حكمة حكيم فيظل باب الخطأ مفتوحاً لأكبر العقول وأصغرها، وتكون الحيرة قاعدة من قواعد العقل، ليخرج من ذلك أن يكون التسليم قاعدة من قواعد القلب”
“الحبّ أن يخيم جوّ موسيقيّ على بعض أيام العمر ليتم فيه الانسجام بين نفسٍ عاشقةٍ وصورة جميلة ، إذ لا بد لانسجام الجمال في الحبّ من أن يكون المعشوق عند محبّه في مثل تناسق اللحن الفنيّ لا يخرج منه شيء عن الوزن والطرب ، فإذا كان العمر صفحاتٍ مكتوبةً فأيام الحب الصفحة المكتوبة بعلامات النغم ، لا يقرأ فيها إلا لحنٌ ورنٌّ ورجعٌ وصلصل .”